هل يمكننا أن نتوقّع بالفعل إمكانية إجراء تحقيق دولي في الجرائم اللاّمتناهية التي ظلّت إسرائيل ترتكبها بحقّ الفلسطينيين طول السبعين سنة الماضية؟ وهل يمكننا أن نرى العدالة تأخذ مجراها يوما ليحاكم الجلاّد الصهيوني ويعاقب عن مذابحه الوحشية التي حصدت الآلاف وشرّدت ملايين الأبرياء؟ السؤال يعود إلى الواجهة كلّما صدر قرار عن هيئة أممية يدعو للتحقيق في الفظائع التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب ّ ضدّ الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وآخر هذه القرارات، الذي صدر نهاية الأسبوع الماضي عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والقاضي بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم المرتكبة بالأراضي الفلسطينية المحتلّة.
فهل فعلا سيمضي المجلس الحقوقي الأممي إلى فتح تحقيق في جرائم الاحتلال الصهيوني، أم أنّ القرار سيطوى كما طويت قبله قرارات كثيرة ويحفظ في درج النسيان والتواطؤ ليواصل الجلّادون الإسرائيليون حلقات مسلسلهم الدموي الذي أطلقوه عام 1948 بمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها عصابات “ الهاغانا” و« التشترت” و« الأرغون” تحت مسمع وأنظار بريطانيا الاستعمارية وخلّفت مئات القتلى من النساء والأطفال، مرورا بمجزرة صبرا وشاتيلا، حيث أباد السفّاح شارون مئات اللاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان سنة 1982، ثم مذبحة الحرم الإبراهيمي وقانا وجنين وقصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام 1985، ولم يتردّد السفّاحون الصهاينة في مهاجمة وقتل ناشطين مسالمين كانوا على متن أسطول الحرية في مسعى لتوصيل الغذاء والدواء لأهل غزّة المحاصرين، وذلك سنة 1910، كما سحقت جرّافة إسرائيلية بدم بارد ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري وهي تحاول منع هدم منزل في غزّة سنة 2003، دون الحديث عن الاغتيالات الفردية التي طالت العديد من رجالات وزعامات المقاومة الفلسطينية، ولن تمحى من ذهننا ما حيينا صورة شيخ الشهداء المقعد احمد ياسين الذي نسفه العدو وهو على كرسيه المتحرّك.
إسرائيل ومنذ أن غرست كيانها ككتلة سرطانية في جسد الوطن العربي، وهي فوق القانون تدوس عليه كما تشاء، والعدالة الدولية، إما دافنة رأسها كالنعام في الرمال أو أنّها تكيل بمكيالين أو أكثر، لهذا لا يبقى أمام الفلسطينيين غير طريق المقاومة والالتفاف حول القضية لمواجهة هذا العدو البغيض.