لم يعد أي طرف يعرف إلى أين تتجّه الأوضاع في مالي بعد الأحداث الأخيرة، التي أدّت إلى «إبعاد» قادة المرحلة الانتقالية وسط مرحلة حسّاسة يمرّ بها البلد كونه حلقة أساسية في إستراتيجية محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، ولم يعد بالإمكان معرفة تفاصيل السيناريو القادم فيما تبقى من مدة الفترة الانتقالية التي من المقرّر أن تنتهي في 22 مارس من العام المقبل بتنظيم انتخابات رئاسية، قد تنهي عهد الانقلابات وتعيد رسم خارطة طريق جديدة في بلد أصبح نقطة صراع ونفوذ عالمي بسبب الثروات الطبيعية.
تمكّن الكولونيل آسيمي غويتا من قلب موازين القوة في ظرف تسعة أشهر من الاطاحة بالرئيس الأسبق بوبكر كيتا، وأوقف قادة المرحلة الانتقالية واجبرهم على الاستقالة دون إحداث فوضى في الشارع، ما يعني أن المجلس العسكري قد ضبط كل الترتيبات لإنهاء الواجهة المدنية بعدما وصفها بالفشل في الاستجابة لتطلعات الشعب، وإن كان ذلك صعبا في بداية الأمر بالنظر للوضع الإقتصادي والاجتماعي الذي يمر به البلد، واستطاع غويتا بشكل أو بآخر تفادي وصف المجتمع الدولي لما قام به انقلابا، حيث ندّدت القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا والإتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي بما حدث لكن لم تسمه انقلاب، ما عدا الرئيس الفرنسي قال إن ما حدث انقلاب، وهدّد بسحب قوات بلاده من مالي ضمن عملية برخان الفرنسية المنتشرة في دول الساحل.
وأمام هذا التحوّل السريع في مالي يسعى الكولونيل آسيمي غويتا الذي أصبح رئيسا للدولة وفق المحكمة الدستورية للحفاظ على المرحلة الانتقالية بطريقة ناعمة وسلسلة بعد إعلانه تكليف المعارضة التي قادت الحراك الشعبي الذي أطاح بكيتا في أوت الماضي بتشكيل حكومة مؤقتة ممثلة في حركة الخامس ماي ذات الشعبية الكبيرة.
والسؤال المطروح كيف سيواجه الرئيس غويتا الضغوطات الدولية، لاسيما باريس التي تنتهج خطابا مزدوجا في التعامل مع منطقة الساحل وفق ما يخدم مصالحها، بعد إدراك تراجع هيمنتها أمام نفوذ دول أخرى أظهرت دعمها للكولونيل غويتا حتى قبل انقلاب أوت الماضي، ولم تندّد بشكل مباشر بالإطاحة بالرئيس باه نداو ورئيس حكومته مؤخرا!؟