ما سجّلته المقاومة الفلسطينية في الأيام الماضية هو انتصار حقيقي لهذه الأخيرة في حربها ضد الاحتلال الصهيوني المدعوم من طرف قوى غربية معروفة، هذا الكيان الذي انتصر في حروبه السابقة مع الدول العربية.
قد يرى البعض أن في الأمر مبالغة في تمجيد انتصار لا يرى على أرض الواقع ففلسطين ما زالت تئِّن تحت وطأة الاحتلال، لكن دقة توظيف المصطلحات قد يزيل اللبس على اعتبار أنّ ما تخوضه الفصائل الفلسطينية اليوم في حربها ضد الاحتلال هو عمل تحرري باتجاهين.
أما الأول فيتمثّل في اعتبار المعركة الأخيرة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل هي امتداد لحرب تحرير انطلقت مع بداية الاحتلال سنة 1948 أو ما يصطلح عليه مجازا بـ “النكبة”، هذه الحرب لازالت مستمرة ولن تتوقف إلا بتحرير فلسطين كاملة غير مجزأة.
أما الاتجاه الثاني باعتبارها معركة مقاومة لمنع تمدد الاحتلال لمناطق أخرى من فلسطين، وهذا ما نجحت فيه الفصائل الفلسطينية بالفعل، والمطلع على تفاصيل الحروب العربية الإسرائيلية السابقة يستنتج ببساطة أن الاحتلال الصهيوني كان بعد كل حرب يحتل المزيد من الأراضي، كما وقع في حرب 67 التي تعرف بالنكسة أو حرب الستة أيام (المعركة الأخيرة استمرت أكثر من ذلك)، حيث سيطرت إسرائيل على مناطق واسعة من سيناء، والجولان السوري الذي اعترف ترامب بالسيادة المزعومة لإسرائيل عليه قبل نهاية عهدته. كما احتلت إسرائيل القدس الشرقية بشكل كامل وبدأت مشروع تهويدها، مشروع كان آخر مشاهده محاولة الاحتلال طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح في القدس المحتل الشيء الذي كان سببا مباشرا في اندلاع المعركة الأخيرة.
الذين يتساءلون دائما عن طبيعة الانتصار وعلاقة ذلك بالاستقلال التام يقعون في خطأ جسيم على اعتبار أن منع إسرائيل من احتلال المزيد من الأراضي يعد عملا يقع في صلب المقاومة وانتصار ينبغي تثمينه، خاصة وأن القضية الفلسطينية تلقت طعنات في الظهر، خلال الأشهر الماضية، بعد تطبيع بعض الأنظمة العربية مع هذا الكيان الغاشم من بينهم الجارة الغربية في صفقة بائسة وفاشلة.