أطلقت وزارة الدّاخلية منذ أشهر بوّابة إلكترونيّة لاستخراج بعض وثائق الحالة المدنية عن بعد مثل شهادة الميلاد، عقد الزّواج أو شهادة الوفاة..وهي خطوة إيجابية تقرّب الإدارة من المواطن وتحدّ من معاناته في التنقّل إلى مقر البلدية لاستخراج تلك الوثائق المطلوبة في كل ملف تقريبا، وبالتالي التّقليل من البيروقراطية الإدارية إلى حدّ ما، وتوفير كثير من الوقت والجهد على المواطن.
لكن الغريب أنّ البيروقراطية التي يشكو منها المواطن أصبحت ثقافة مترسّخة لدى البعض، ففي دردشة عن جدوى هذه الخدمات الإلكترونية وفوائدها، قال لي أحدهم إنّه لا يثق فيها بحجة أنّ الوثائق المستخرجة عبر الأنترنت قد ترفض من قبل الإدارة في حالة ما أدرجها في ملف ما! فالجزائري دون وعي ترسّخت عنده ثقافة
«لاشان والتّطباع»، فالوثيقة حسبه لن تكون لها قيمة أو قبول إلاّ إذا استخرجها بالطّرق التقليدية مع وجود «الكاشي» في نهايتها.
الإدارة الإلكترونية في مجملها تعد مشروعا متكاملا يتضمّن عدّة جوانب، منها ما هو تقني تتكفّل به مؤسّسات وطنية مختصّة، وجوانب اجتماعية وثقافية لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار كذلك، فمدى تقبّل واقتناع المواطن بهذا النّمط الإداري الجديد يعد عاملا مهمّا في نجاح مشروع الإدارة الذكيّة أو الإلكترونية التي تصبو الجزائر لتحقيقه مستقبلا، خاصة وأنّ الرقمنة لم تعد خيارا بل هي ضرورة أملتها متطلّبات العصر التّكنولوجي الذي نعيشه.
وأنا أكتب هذه الكلمات، استخرجتُ شهادة الميلاد الخاصة بي عبر البوّابة الإلكترونية لوزارة الداخلية، كما حجزتُ تذكرة طيران بخدمة الدّفع الإلكتروني (عبر البطاقة الذّهبية) اتجاه إحدى ولايات جنوبنا الكبير، تصوّروا كم كان سيكلّفني هذا العمل من وقت وجهد لو أنجزته بالنّمط التّقليدي.