بقدر ما اتّسعت مساحة الحريات لخصها الحراك في طبعته الأصلية، والفرق كبير بين اليوم والأمس، بقدر ما بقيت هناك تنظيمات تعمل وفقا لأجندات أجنبية تستهدف أمن ووحدة البلاد رافعة شعارات لم تعد تنطلي على أحد بعد أن انكشفت ألاعيبها، لا يهدأ لها بال، طالما أنّ الشعب الجزائري يرفض الزجّ به في مخططاتها الانتقامية التخريبية.
أجيال اليوم متشبعة بالعلم وتجيد استعمال التكنولوجيات الجديدة تدرك مدى التضحيات التي قدمها السلف عبر الزمن، أبرزها، إبان ثورة التحرير التي جسّدت الوحدة الوطنية في أسمى معانيها، أحبطت كل مخططات الإدارة الاستعمارية وفكّكت برامجها العنصرية وأسقطت من الضمير الجمعي للمجتمع الجزائري كل ما له صلة بالتفرقة والتمييز، فكانت حقيقة الأخوة بالمفهوم الواسع تأشيرة لأفق يستوعب أجيالا متعاقبة تحت شجرة الحرية بأمانها ومكاسبها وتطلعاتها.
وراء كل تلك الهجمة الشرسة التي تطلق سمومها هدف واحد أصبح معلوما لدى الجميع، ألا وهو عرقلة مسار النهوض مجددا والتوجه إلى مقارعة مختلف جوانب الأزمة الاقتصادية والصحية وكل مخلفات المراحل السابقة بتداعياتها خاصة ثقل الفساد المالي والإداري الذي يخشى من تعميق البديل الرقمي كاشف الفجوات والاختلالات في وقت قياسي لتدارك التأخر بكل ما يمثله من قيمة مضافة تحتاج إليها البلاد في أكثر من قطاع يراهن عليه في إنجاز الانتقال الاقتصادي بكل ما يعنيه من قطيعة مع التبعية للمحروقات وإنهاء ممارسات بيروقراطية تكبح وتيرة النمو.
أعادت تلك الجهات، التي تصنّف اليوم في خانة منظمات إرهابية، المريضة بالحقد والضغينة والمملوءة قلوب من يتحدث باسمها بالكراهية، التموقع في المشهد، محاولة عبثا ركوب الحراك، متخذة من قنوات تشتغل لقوى الاستعمار الجديد القديم، منابر لمحاولة بث الفرقة وتشتيت الصف الواحد، وهو أمر بات من المستحيل لشعب فريد بين الأمم لشدة ما عاناه وكابده، دفع في كل مرة الثمن باهضا ليحافظ على حريته تحت مظلة السيادة الوطنية.
هناك نقائص وترسّبات تعيق عجلة التغيير، لكن لا يمكن لأبواق تلك القوى وأدواتها النيل من صلابة الإرادة الوطنية الملتفة حول الخيارات الوطنية، القاسم المشترك، المواطن قلبها النابض، غيورا على سيادته ومنتصرا لوطنه، بوصلته المصلحة الوطنية العليا.