يخضع مكتتبو وكالة «عدل» المستفيدين من سكنات (البيع بالإيجار)، إلى عقد صاغته الوكالة وحدها (بطبيعة الحال)، وحرصت فيه على أن يكون لها حضورها القويّ (جدّا) بين السكان كي تحافظ على إنجازاتها، وتعتني بزبائنها، وتمنح الحياة نوعا من الرّفاه محترما، واجتهدت في «تزيين» الفواتير الشّهرية بقيمة مالية إضافية (تساوي أو تضاهي) قيمة الكراء في السكن الاجتماعي، أطلقت عليها اسم «مستحقات الخدمات»..
أما مفهوم «مستحقّات الخدمات» هذا، فهو متعلّق بضمان النّظافة، ومرتبط بحقوق الإنارة والحراسة و(ما أكل السّبع)، إضافة إلى العناية بإصلاح ما استهلك، وتغيير ما انكسر، وتحسين بيئة الحياة، والحفاظ على «المصاعد»، ووعود كثيرة معسولة سمعها زبائن «عدل»، وصدّقوها وصادقوا عليها..
وبما أن العقد، في أصله، ليس سوى شريعة المتعاقدين، فإنّ زبائن «عدل» يدفعون المستحقات إياها دون مماطلة، ولكن «عدل» لا تقدّم شيئا في المقابل، فهي صاحبة العقد ومالكته والمتصرّفة فيه، وليس هناك ما يرغمها على الوفاء؛ ولهذا، غالبا ما تترك زبائنها بدون حراسة ولا نظافة ولا بيئة ولا إنارة ولا مصاعد، وحتى إن جأر بالشّكوى واحد من الزّبائن، أو مجموعة منهم، فإنّ «عدل» حضّرت للشكاوى أذنا من طين وأخرى من عجين (على رأي المثل)، كي تضرب صفحا عن الكلام، وتمرّ مرور الكرام..
وإذا كان المقتضى هو التّعامل مع «عدل» على أساس أنّها «مؤسسة» (يعني محترمة)، وقلنا إنّ عادة هذه المؤسسات السّعي إلى النّمو والازدهار وتوسيع دائرة النّشاط، ثم ألقينا نظرة سريعة على مصاعد العمارات الشّاهقة وحالها، وتابعنا خطاب التّسويف والإرجاء الذي تعتمده الوكالة، ووقفنا على تهرّبها من واجباتها التي شرّعتها هي نفسها، فإنّنا لا نملك سوى الأخماس والأسداس نضربها على «مقتضيات التعامل» هاته، في انتظار أن تعْدل «عدل».