منذ أن وطأ الاحتلال أرض الجزائر اندلعت مقاومات شعبية في مختلف المناطق من أجل صدّ الحملة الاستدمارية الفرنسية الزّاحفة، ولكن تلك المقاومات الشّعبية، لم تؤت أكلها إلى بعد نضج عقيدة تحرير أخذت بعدا وطنيا ممثّلة في جبهة التحرير الوطني، التي توّجت كل مجهودات المقاومة وحرّرت الوطن بعد حرب تحرير خاضها الجزائريّون كرجل واحد من أجل هدف واحد هو طرد المحتل من كل شبر من الجزائر.
الحالة الفلسطينية لا يمكنها أن تكون فريدة والشّعب الفلسطيني لا يمكنه أن يتحرّر إلاّ إذا توحّد ممثلو كفاحه الوطني في معركة تحرير واحدة وليس مقاومات مشتّتة أو صفوف منقسمة، في الوقت الذي لا يفرّق فيه الاحتلال الصهيوني بين فلسطيني وآخر فكلاهما بالنسبة إليه هدف مشروع سواء كان في الضّفة أو القطاع.
عندما استهلّ الشعب الفلسطيني كفاحه المسلّح ضد الاحتلال، بدأه تحت عنوان التحرير الذي كانت تقود لواءه (منظمة التحرير الفلسطينية) وكان الشعار يومها، تحرير فلسطين كل فلسطين، شعار كان يدّوي يوميا على أمواج إذاعة الثورة الفلسطينية ولكن - للأسف - الوضع اليوم أصبح مغايرا تماما بسبب طموحات سلطوية ضربت الصف الفلسطيني في مقتل، وجعلت مجاديف الكفاح لا تدفع بسفينة التحرير نحو اتجاه واحد؟
على الشعب الفلسطيني أن يجعل من العدوان الإسرائيلي على القدس الشريف على يد عصابات «الهاغانا» الجدد والخراب الذي يلحقه الاحتلال بغزّة المحاصرة فرصة لتوحيد الصّف الفلسطيني، وإعادة بعث عقيدة كفاح من أجل تحرير كل الأراضي الفلسطينية، وبهذه النقلة النوعية وحدها يمكن للفلسطينيّين العودة إلى أراضيهم التي هجّروا منها ظلما وعدوانا وإجهاض مؤامرة «ترانسفير» ثاني لترحيل ما تبقّى من فلسطينيي الداخل، مؤامرة بدايتها كانت باعتراف واشنطن بالقدس المحتل عاصمة للاحتلال ثم مصادقة «الكينست» الإسرائيلي على قانون يهودية الدولة وإعطاء اللغة العربية وضعا خاصا بعدما كانت لغة رسمية إلى جانب العبرية، لغة الاحتلال، لهذا فإن ما يحصل اليوم في الشيخ جرّاح لا يخرج عن هذه المؤامرة.