أفاق كثير من رواد منصة التّواصل الاجتماعي «فايسبوك» الجزائريين، في صبيحة عيد الفطر، على إشعارات من إدارة المنصّة تنبئهم بتعرضهم إلى عقوبة (حظر التعليق المؤقت)، وبرّرت الحظر بما وصفته بـ»الحرص على تجنّب كل استعمال منحرف»، أو شيء من هذا القبيل..
تعوّد عدد من «الفسابكة» الجزائريين على هذا، وكان واضحا، أن العقوبة تتنزّل بالصفحة والصفحتين بسبب التبليغات التي يتبادلها (بعض الفاهمين وبعض الذين يفوقونهم فهامة)، ولكن طبيعة العقوبات في صبيحة العيد كانت مختلفة اختلافا كثيرا على ما تنصّ عليه لوائح فايسبوك، بل كانت عقوبات مذهلة، فقد طال الحظر صفحات كثير من أصحاب الرزانة والرّشاد والحكمة الذين لا يمكن مطلقا أن يُخسروا في قول ولا في عمل.. ولم نجد من مشترك بين الصفحات التي تلقت الإشعارات إياها سوى: «الالتزام المطلق بالقضية الفلسطينية»، ولا نشكّ مطلقا في هذا، لأنّ النماذج الكثيرة التي تابعناها، تختلف اختلافات جوهرية في الرؤى والتّوجهات والمواقف، ولا يجمع بينها سوى مشترك «فلسطين»..
ولسنا في حاجة إلى العودة للحديث عن حقّ حصحص، ولا عن حجّة قامت؛ ذلك أن البشر جميعا يعرفون (عزّ المعرفة) أنّ «حرية التّعبير» و»حقوق الإنسان» و»السلام للجميع» وحتى «الهلمّ جرّا»، ليست – على مستوى العالم المهيمن – سوى خطابات لا تساوي ثمن الحبر الذي يصرف عليها (إن كان ما يزال هناك حبر يستعمل)، ومع هذا، ينبغي التنبيه إلى أنّه لا لوم على منصة «فايسبوك» حين ترفع لواء الحرية، وتقصي كل رأي يضادّ «حريتها الخاصة».. طبعا، لا يقع اللوم على «فايسبوك»، لأنه هو صاحب الخوارزميات، وصاحب الفكرة المؤسسة، وصاحب الحرية، وله أن يرسل الإشعارات إلى كل من يجدهم يحدّون من حرّيته، ولا ينبغي لأي كان أن يتضامن مع الفلسطيني، لأن «فايسبوك» يحسّ بالحرج..
سبق وقلنا إن القدرة على تطويع «التكنولوجيا»، ليست أبدا في استعمال التطبيقات الجاهزة التي ينشرها من لا نعرف؛ فالقدرة الحقيقية هي الإبداع، وما دمنا قادرين على استعمال التطبيقات، فلنرتقب الإشعارات، ولنصبر عليها إلى أن نفهم طبيعة موقعنا من التكنولوجيا..