يرحل عنّا الشّهر الفضيل بكل نفحاته الربانية التي كانت فرصتنا الذّهبية للعودة إلى الله، في توبة تبعدنا عن طريق المعصية والعصيان، غدا أو بعد غد يحل علينا عيد الفطر الذي جعله الله تعالى فرحة للصائم يعبّر فيه المسلم عن امتنانه لله تعالى على توفيقه في الصيام والقيام.
تتجلى تباشير صباح عيدٍ يجتمع فيه أفراد المجتمع الواحد بمختلف أطيافه حول عادات وتقاليد توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل من أجل ترسيخ ذاكرة أمّة تتباهى في كل مرّة بهويّتها الإسلامية، فكانت صلة الرحم والتزاور وتبادل التهاني أهم ما يميز أول أيام عيد الفطر، الذي يشكّل مناسبة اجتماعية ودينية خاصة جدا لإبداء مظاهر التسامح والتغافر.
ٍ سيرتدي جميعنا ملابس جديدة، الغالب عليها ألوان زاهية تمدّ الناظر إليها طاقة إيجابية ورسالة ضمنية بفرحة وسعادة بِعِيدٍ جاء بعد شهر كامل من الصيام ومجاهدة النفس لاستغلال النفحات الربانية التي يمنّ الله تعالى علينا بها في الشهر الفضيل، تزيدها الأنواع المختلفة من الحلويات مهما كانت مكوناتها بسيطة بهجة وسرورا.
حلاوة وألوان زاهية، خيار الجزائريين لاستقبال العيد لتكون صلة الرحم المطلب الأول بعد صلاة العيد، وتصبح بذلك بمثابة دم جديد يُضخ في «عروق» العائلة الواحدة، وفرصة لبعث العلاقات الاجتماعية ودفعها نحو صنع «إسمنت» من المشاعر الإيجابية لإعادة ترميم «بنيان» الأسر والعائلات ومختلف العلاقات الاجتماعية التي تربط أفراد المجتمع الواحد.
لن يختلف اثنان في كون العيد فرحة، يصنع الصغار بهجتها وكبار السن بركتها، فغالبا ما يكون بيت الجد مقصد الإخوة للاجتماع في بيت «العائلة»، لاسترجاع ذكريات مرسومة في مختلف زوايا منزل سكنت جدرانه وغرفه ضحكات وقهقهات أطفال، جاءه اليوم مع آبائهم لإعادة «عداد» الزمن إلى الصفر، ليلتقي في «بيت العائلة» ثلاثة أجيال على الأقل فيكون العيد يوما لاجتماع الماضي والحاضر والمستقبل، في درس إنساني عميق عن تواصل واستمرار مجتمع، لكن كل هذا مع اتباع قواعد البروتوكول الصحي.