أن تشتكي من ضعف القدرة الشرائية هذا من حقك، أن تشتكي من تسلط مسؤولك هذا حقك كذلك، بينما تشتكي من تعب الصوم وقلة النوم ونحن في شهر الصبر فهذا غير مقبول تماما.
أينما كنت وحيثما تواجدت إلا وتسمع الجميع يشتكي ويقول أنه لم يعد يقوى على مواصلة عبادة الصوم بهذه الوتيرة، وهناك من ينتظر بفارغ الصبر أن تنقضي أيام هذا الشهر الكريم بأسرع وقت ممكن.
شيء غريب، الصوم جهاد للنفس، والجهاد عناء وتعب، وإلا كيف يظفر المؤمن بالأجر والمغفرة والعتق من النار، ثم إن الصوم ذكر في القرآن بكلمة « الصبر « مقرونا بالصلاة لقوله تعالى :» واستعينوا بالصبر والصلاة «.
طيلة العام والإنسان يأكل ما لذّ وطاب تكاد معدته وأحشاؤه ينطقون لما يصلهم من مأكولات، أغلبها غير صحية ومتعبة لعمل الجهاز الهظمي، يتحمل آلام القولون الذي تسببه بعض المأكولات والمشروبات ولايشتكي منها، وفي الغالب لا يقلع عن تناولها بالرغم مما تسببه له من ألم، يتناول أدوية وحقن ولا يشتكي من الأكل المفرط وغير المتوازن.
وعندما يعطينا المولى عز وجل الحل الإلهي لهذه المشاكل الصحية والنفسية، نأخذ بها على مظظ، نطبق التعاليم الدينية الخاصة بالصوم، لكن نشتكي لأنها تعالجنا.
أيّ عقيدة هذه وأيّ منطق يمكن أن يفسّر لنا هذا التعامل السلبي مع دواء القلب والروح والجسد. أيام قليلة ويرحل عنا هذا الضيف الكريم، وتعود الأمور إلى سابق عهدها فطوبى لمن أداه إيمانا واحتسابا، والخاسر من اشتكى منه، نسأل الله أن يقبلنا عندما يعود في العام المقبل إن شاء الله ويجد من ينتظره بطرب الغريب بعد أوبة وتلاقي كما قال الشاعر حافظ ابراهيم.