يتزايد عدد الباعة الفوضويين وتتسّع رقعة السوق الموازية، في شهر رمضان، على وجه الخصوص، مقارنة بالأيام السابقة، مستقطبة السيول البشرية ومسجّلة إقبالا على كل ما يعرض في الأسواق من مواد غذائية وكماليات وحلويات وأجبان ومواد تنظيف وملابس وأواني، حتى يخيل للأذهان أن كل شيء يسوّق، يجد بالمقابل زبون متحمّس غير مبال، أي يشتري السلع من دون تفحّص جودة السلعة.
يحاول الباعة الفوضويون منافسة نظرائهم من التجار الحقيقيين بتخفيض الأسعار، وتنويع المنتوج والتربص بالمستهلك عند أبواب الأسواق وعبر مداخل الأحياء وعلى حافة الطرقات وفوق الأرصفة المكتظة بالمارة، فيزيدون من حدّة الاختناق المروري ويوّفرون سلعا قد تهدّد سلامة وصّحة المستهلك، خاصّة المواد الاستهلاكية الحسّاسة، مثل المشروبات التي تحضر منزليا وتعبأ في أكياس بلاستيكية قد لا تكون مخصّصة لحفظ الأغذية.
والأخطر من ذلك أن السوق الموازية باتت تعرض على جانب الحلويات الرمضانية مثل «قلب اللّوز» و»الزلابية»، بعض المواد المحضّرة في المنزل، مثل «البوراك» و»المحاجب» وسلسلة من «المملحات»، حيث يجهل ظروف تحضيرها وإن كانت صحّية أم لا، لذا كثيرا ما تسجّل العديد من حالات التسمّم في رمضان حتى وإن كنا نوعا ما بعيدين عن موسم تفشّيها أي في فصل الربيع وموسم الصيف مازال لم يحن بعد، لذا يمكن أن تتحمّل السّوق الموازية جزءا كبيرا من المسؤولية في الفوضى والاكتظاظ والازدحام والتهافت وكذا المخاطر الصّحية التي تهدّد سلامة المستهلك.
من المفروض أن الرقابة لا تشمل التجار وحدهم، بل الإجراءات تعزّز، لوقف اتساع السوق الموازية التي يتداول فيها أموال معتبرة خارج نطاق الدائرة الرسمية وفوق ذلك لا يمكن فرض عيون الرقابة على المنتجات المسوّقة في المجال الموازي، بل وتكون أحيانا فضاء يتسبّب في أذى الزبائن، فيذهب ضحيتها المستهلك عندما يقتني السموم بأمواله، ثم يكلّفه ذلك نفقات إضافية لإنقاذ حياته أو حياة أحد أفراد أسرته، لدى الأطباء وباقتناء فاتورة أدوية باهظة الثمن.
إذا السوق الموازية خطر محدق يحاصر الاقتصاد، كما المستهلك، ولا يجب الاستهانة بما يمكن أن يسفر عنه استمرار اتساعها وانضمام عدد آخر من التجّار إليها، ومن الضروري إيجاد إجراءات تنظيمية تحدّ من سرعة انتشارها وفرض منطقها من دون أن تطالها قوّة القانون.