يشهد مسار التفاوض حول الاتفاق النووي مباحثات عسيرة وشاقّة بالنسبة لجميع الأطراف، بداية من طهران إلى غاية دول الإتحاد الأوروبي، رغم التّفاؤل المحسوس الذي تبديه روسيا وترقب الولايات المتحدة بحذر ومن دون اطمئنان، للمزيد من التنازلات الإيرانية تكون مقنعة حتى تقرّر واشنطن إن كان ذلك كافيا للتنازل عن العقوبات المفروضة.
ضرب المتفاوضون موعدا آخر، وبالتالي موعدا مع جلسات جديدة هذا الجمعة لمواصلة تقريب المسافات وامتصاص الخلافات التي مازالت قائمة، واضعة المباحثات على المحك بين شد وجذب، لكن على ضوء هذه التغيرات وحضور عنصر المفاجأة الطارئ، يتأمّل أن تبرز نقطة ضوء واحدة تكون المحطة الأساسية للانطلاق نحو تسوية مرضية لجميع الأطراف، تخفّف صوت الخلافات وتزيح الشكوك من طريق الحوار المفتوح، وإن كان من المبكر الحديث عن إنفراج وشيك، يسرع من صدور قرارات تترجم المساعي وترسخ الإرادة القائمة، لأنّ الاتفاق سيخفف حدة التوتر بمنطقة الشرق الأوسط، ويغيّر الخارطة الجيو إستراتيجية بما فيها طبيعة العلاقات مع الدول وإزالة الكثير من الانسدادات، وتختفي معها التوترات المهددة بإشعال بؤر متفجّرة.
عاد المتفاوضون بعد جلسة جديدة تعد الثالثة، انعقدت بفيينا وسط متفائل ومتشائم من مستوى تطور النقاش في المفاوضات إلى بلدانهم قبل اللقاء المقرر نهاية الأسبوع الجاري، وإن كانت تقديرات الطرف الإيراني تذهب إلى توقع أن يتوصل إلى تقدم خلال ثلاثة أسابيع أي قبل دخول شهر جوان المقبل، بخلاف ما يترقبه الأوروبيين الذين ضربوا موعدا أبعد بقليل، يصل شهر جوان المقبل كأقصى تقدير، للحديث عن خطوات جديدة مثمرة، تسمح بإنقاذ الاتفاق النووي لعام 2015.
حتى في ظل وجود يقين أنّ تتويج مسار التفاوض غير مضمون، إذا ما انكمشت الجهود وبسبب الظروف الذي يخيم عليها التفاؤل الحذر والوتيرة الثقيلة لسير التفاوض، ووجود نقاط خلاف متعدّدة وشائكة، مازالت عالقة من دون الحسم فيها بين مختلف الأطراف، إذا كلها عوامل تضع الاجتماعات خارج دائرة النضج على الأقل خلال الاجتماعات الأولى المنعقدة وسط حذر كبير..فما هي الآليات القادرة على إقناع طهران وأطراف التفاوض لتجاوز كل المخاوف؟