مع حلول العشر الأواخر من رمضان يشدّ التاجر «مئزره» ليكشف عن آخر فصول «رباعيات» أنيابه ليستكمل مهمة «مص» دماء المواطن البسيط الذي أنهكه الغلاء وتدني القدرة الشرائية، وعوض استغلال الموسم الرباني في «ربح» الحسنات والصدقات، يفضل التاجر عندنا «تأمين الغد» بـ»سلخ» جلد «المواطن» عن عظمه، ليُنهي بذلك المشهد الأخير من تراجيديا .
المتجوّل في مختلف الأحياء والشوارع يجد إنزالا كبيرا للمواطنين الباحثين عن الأرخص من أجل شرائه لأطفالهم «المتعطشين» لفرحة العيد، لكن هيهات أن تكون «رحمات» و»بركات» ووعد الله تعالى بمضاعفة الأجر بغير حساب في هذه الأيام العشر كافية لرد البعض عن حساباتهم الدنياوية في عملية ربح أو خسارة محدودة، «استبيح» فيها المواطن البسيط الذي مازال يتدحرج نزولا حتى وصل عتبة الفقر.
الغريب في الأمر كله، هو أن استكانة المواطن البسيط ورضاه بأن يكون محل «ابتزاز» من طرف بعض التجار الذين فرضوا قانونهم الخاص، فعوض قانون العرض والطلب لجأوا إلى قانون قاعدته الأولى احتكار وندرة، فحتى وإن كانت وفرة - ما يعني انخفاض الأسعار بصفة آلية -، لجأوا إلى حيلة «الندرة» حتى يبقى المستهلك أو المواطن «أسير» بطنه متخبطا بين «هرج» و»مرج».
«بلغ السيل الزُبَى»، كل ذلك بسبب دوامة الغلاء والعوز والفاقة التي يكابد فيها المواطن الأمرّين، فبين أفواه يريد سدّ جوعها وحفظ كرامتها وبين «كماشة» تجار لازموا الاحتكار والمضاربة لرفع رقم أعمالهم، لتُنتَهَك في كل يوم «حرمة» الشهر الفضيل .