في عالم واحد ولكنه متعدد، ذي قطبية أحادية موجهة، تصبح الرقمنة موضوعا واسع النهايات، لأنّ التحولات التكنولوجية منحت البعض قدرات هائلة في التحكم والتأثير بعقول البشر وخياراتهم، بل وبمشاكلهم وطموحاتهم.
منذ بزوغ عصر وسائط التواصل الاجتماعي، تغير شكل العالم، بنيته وسرعته، قوالبه وأحداثه، أخباره ومنصاته، لقد تغيرنا وتغير كل شيء من حولنا فأصبحنا محاطين بدكتاتورية الرقمنة من كل جانب.
في ظل هاته «الدكتاتورية» وجدت قوالب جديدة للرأي العام، وأدوات أخرى للتأثير والتغيير وإعلام شعبي لا يعترف بالأدبيات الأكاديمية والقوالب الكلاسيكية، وأصبح الأمر متاحا للكل وبجميع الأساليب الممتازة والعبثية للتعبير.
الحديث عن الرقمنة قد يأخذ لزاوية أخرى تخص إستخدام الذكاء الإصطناعي، والحوسبة السحابية، وتكنولوجيات الإتصال الحديثة، هذا الجانب متصل بتسهيل حياة البشر، نحن في عالمنا الثالث لا نزال بعيدين عنه كل البعد، لأن تقدمنا البطيء يجعل عداد الأرقام في سرعته الأولى لأسباب شتى، وعلى رأسها العادات وعدم اليقين من جدوى الحداثة.
التي نتحدث عنها، هي مأزق الإنسان المعاصر الذي يسبح في عوالم تكنولوجية تملكه ولايملكها، تستهويه ولكن تأسره في شباكها، ممتدة المخاطر، فبقدر ما تتواجد الحريات تتعاظم مخاطر القيود التي يكون فيها بين أيادي مجهولة، تعلم عنه كل شيء، يصدق فيه عنوان كتاب «الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية» للكاتبين الفرنسيين، كريستوفر لابي ومارك دوجان الذي صدر سنة 2016، حيث يصبح مستهلك ومنتج للبيانات الشخصية، التي تتعلق بمصالح دول وشركات وحسابات ضخمة، تتحكم في العالم الإفتراضي، وتستعمل الأفراد والمجتمعات كأدوات للتداول المالي، وتحقيق أهداف إستخباراتية، وتحويل الإنسان إلى آلة يتم التحكم في أفكاره وخياراته وأذواقه.
قالت المتحدثة بإسم الخارجية الروسية أن «مجموعة من عمالقة الإعلام الغربيين، متمركزة في دولة واحدة بشكل أساسي قادرة على استخدام الرقابة والتمييز للأغراض السياسية والتجارية»، معتبرة «مثل هذه الديكتاتورية الرقمية وخطر الرقابة بلا قيود من قبل شركات الإنترنت العالمية، تدل على أنه من الضروري تكثيف الجهود لوضع قواعد مقبولة للجميع، لإرساء الأساس القانوني الدولي لعمل منصات الإنترنت»، وحماية الإنسان.