أتساءل في بعض الأحيان عن السبب الذي منع الجزائري من اكتساب ثقافة صحّية سليمة بعد سنة من التقيّد بالإجراءات الوقائية، فالمدّة كافية ليرتقي الالتزام بارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي من مجرّد «خوف» من الغرامة المالية أو صرامة القانون إلى وعي بمدى أهمية مثل هذه السلوكيات البسيطة، أمر محيّر، تحوّل سلوك المواطن الى سلوك «موسمي» متعلق أساسا بـ»قوّة» خطاب المعنيين و»شدّة» التحذيرات التي يطلقها المختصون، بالإضافة الى وصول الخطر الى العائلة والأقربين.
المتجوّل في مختلف الأحياء والشوارع في السهرات الرمضانية يجد أمامه سيلا بشريا الى درجة توّقف حركة المرور، السواد الأعظم منه تراه بلا قناع واق ولا حتى تباعد اجتماعي يسمح بتفادي الأسوأ، ورغم أن العدّ التنازلي للموجة الثالثة قد بدأ، إلا أن المواطن الجزائري يشعر أنه غير معني بها، ربما لاقتناعه أنه لن يمسّه «سوء» أو أنه كما يشاع في بعض النكت المضحكة التي تسخر من «كورونا» التي وقفت «عاجزة» أمام العقلية «الدزيرية» المعقّدة.
نحن اليوم أمام خطر موجة ثالثة مغايرة للأولى والثانية، لأننا أمام انتشار متزايد للسلالتين المتحوّرتين البريطانية والنيجيرية، ما سيصنع فارقا مهما على مستوى عدد الإصابات خاصة وأننا في شهر «لن يتنازل» فيه المواطنون عن التجمّعات، إلا «بقوّة» القانون، فلا «ترجي» المختصين لهم بالتزام الإجراءات الوقائية استطاع ادخالهم منازلهم ولا عدد الإصابات الجديدة المتزايد نجح في تخوفيهم «للعدول» عن حالة الاستهتار والتراخي التي تميّز يومياتهم الرمضانية.
ستكون العشر الأواخر من رمضان الفيصل في الحالة الوبائية لما تعرفه من حركية كثيفة للمواطنين، الذين تراهم في سباق مع الزمن من أجل شراء ملابس ومستلزمات حلويات العيد، طبعا لن يكون للبعد الروحاني للعشر الأواخر ولا النفحات الربانية التي خصّ بها هذه الأيام بالأخصّ ليلة القدر أي وجود وسط زحام هذه المتطلبات، لذلك ستكون خسارتنا روحية بتغافل عن اغتنام هذه الأيام المباركة ومادية بالابتعاد عن أي وعي بمدى أهمية الالتزام بإجراءات الوقاية لينحصر سلوكنا، كما كان دائما في دائرة «الموسمي».