قال الرئيس الراحل هواري بومدين بمناسبة افتتاح اللقاء التشاوري بالجزائر لمجموعة 77 في 10 أكتوبر 1968، «...إن التخلف ليس بالقدر المحتوم على دول إفريقيا والعالم الثالث، خلافا لمزاعم بعض المفكرين الغربيين، ليس عالم محكوم عليه بالتخلف إلى الأبد، فكلكم تعرفون أن هناك ظروف تاريخية معينة هي التي دفعت عالمنا للتخلف، وهي نفس الظروف التي أدت إلى ثراء البلاد المتطورة...».
من خلال هذا التصريح لزعيم جزائري -عربي-إفريقي مشهود له بالدفاع عن قضايا ومسائل بلدان العالم الثالث، يتضح وبشكل جلي أن التخلف في القارة الأفريقية من أسبابه التاريخية، الإستعمار الذي خلف وراءه إرثا ثقيلا، الأمر الذي حال دون تطور الدول الأفريقية وأعاق عجلة التنمية بها. وهذه هي النظرة التي تبنى، فيتصور على أن التخلف ليس بالأمر الحتمي والشيء المفروض ما توفرت الإرادة بحقيقة الرهان.
وعلى الرغم من حصول معظم البلدان الافريقية على استقلالها، (عدا الصحراء الغربية آخر مستعمَرة في القارة السمراء)، يبقى الكلام عن الأمن والاستقرار في القارة السمراء شيئا بعيد المنال، كيف لا والحروب والنزاعات المسلحة ماتزال تستنزف طاقات شبابها وتنخر اقتصاداتها، بعضها تحول إلى معضلة مزمنة وأصبحت تهدد وحدة الدولة وظهرت حركات تطالب بالانفصال عن الدول التي تتواجد بها، والبعض الآخر كان له طابع اقتصادي بالدرجة الأولى بسبب السياسات غير المناسبة والتي أدت الى إحداث إختلالات بنيوية وهيكلية، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الترابطات الدولية في زيادة حدة النزاعات داخل الدول الافريقية، مما أدى بكثير من الفواعل لتكون جزءاً فاعلا في هذه النزاعات بهدف الحصول على مكاسب اقتصادية وبهذا أصبحت هذه النزاعات تتصف بأنها إقتصادية بالدرجة الأولى، تدعمها وتغذيها الأطراف الدولية حسب ما تقتضيه المصلحة.
القارة الإفريقية أُريد لها أن تكون هكذا، والتخلف والحروب والنزاعات ليس قدرها المحتوم بالتأكيد.