تباين واسع ووجهات نظر لا تلتقي أطرافها حول طرح يجبر على إلزامية فرض جواز سفر صحّي عالمي، يحدّ من انتشار الوباء المتحوّر والتقليدي، ورغم اتضاح بوادر ارتياح حول قدرة اللّقاح خاصّة في جرعته الثانية على مصارعة الفيروس وسحقه، إلا أن الموجات العنيفة لكورونا ضغطت بدورها على الدول المتقدّمة والتي تجني مداخيل كبيرة من قطاعي الطيران والسياحة، وجعلتهم يفكّرون في حلول آمنة لحماية مسار وجهود مجابهة الوباء من الانهيار في أي لحظة، بطريقة صارمة لا تحتمل التساهل أو اللّيونة في التعامل مع الإجراءات الوقائية.
المتفّق عليه أن الانفتاح مرتبط بتراجع الإصابات نحو الأسفل، في وقت مازال لم يتم التأكد بنسبة كبيرة من قدرة اللّقاح على محاصرة الفيروس بفعّالية، وإضافة إلى ذلك يوجد عدد قليل من الدول، منذ انطلاق حملات التطعيم، نهاية عام 2020، من تمكنت من قطع أشواط في حملات تلقيح شعوبها، وغابت العديد من الدول النامية والفقيرة التي مازالت لم تتحصل على كميات تطمئن مواطنيها.
مما جعل الأصوات ترتفع، من بينها معارضة المنظمة العالمية للصّحة التي اعتبرت أن فرض جوازات سفر على الحاصلين على اللقاح، إجحاف كبير في حق الدول الفقيرة وظلم وتهميش للدول الأكثر فقرا في العالم.. أي بمعنى كيف سيكون مصيرهم أمام هذه الإجراءات غير عادلة؟ في ظل وتيرة بطيئة للتلقيح وصعوبة الوصول إلى هذه الأدوية السحرية التي ينظر إليها كأداة نجاة البشر من العدوى و الموت.
وإن كان الهدف الجوهري من هذه الجوازات يكمن في توفير ما يطلق عليه بنوع من الرموز البيومترية أو رموز الاستجابة السريعة، كدليل يؤكد خضوع الأشخاص للتلقيح كشرط للسفر الدولي، حيث ينظر إليها بأنها رافعة قوّية تتمتع بالكثير من المتانة للدفع بالاقتصاد العالمي نحو الأمام، ومحو آثار التداعيات التي مازالت تطارد النمو والقيمة المضافة وتنتشل صناعة السفر الغارقة في موجات رعب لا تنتهي في مقاومة الفيروس للبقاء أطول فترة.
إذا فكرة جواز السفر الصّحي مازالت مبكرة في ظل عدم اتضاح الخارطة العالمية للتطعيم وحقيقة فعّالية اللّقاحات المتوّفرة من عدمها، وكذا الكمّيات التي يمكن الوصول إليها على الأقل قبل فصل الخريف المقبل.