بين فكّي رحى غلاء فاحش وتداعيات فيروس كورونا، وجد المواطن البسيط نفسه مع حلول الشّهر الفضيل محلّ مساومة ومزايدة وابتزاز من تاجر يبحث عن نفحات «مالية» بعيدا عن نفحات ربانية خصّ بها الله تعالى الشهر الفضيل، فكانت الأسعار وسيلته الأنجع لغرز «سكين» الطّمع والجشع في جسد مواطن أنهكه بحثٌ مضنٍ عن لقمة العيش.
وبعد شهور من «الإحماء» مارس فيها «التّاجر» بعض الحركات الاستباقية سرّعت دوراته «الإحمائية» حول ملعب «القدرة الشّرائية»، أصيب المواطن بـ «دوخة» و»جفاف» و»إمساك» حصر نقوده في دريهمات تحفظ كرامته، فشارف النّزول إلى عتبة الفقر، خاصة وأن تداعيات فيروس كورونا مست الكثير من المواطنين الذين فقدوا مناصبهم ومصدر رزقهم.
«التّحالف» الغريب بين الجشع و«كوفيد-19» أثقل كاهل المواطن البسيط الذي «سُلخ» جلده عن عظمه بعد أن أكلت «الشّهور العجاف» لحمه كله، ولم يبق له سوى تسليم أمره لله القادر على كسر شوكة «تحالف الشر» لإخراج عباده من حالة الهوان التي يعيشونها في هذا الشّهر الكريم، لكن ومع انتهاء الجولات «الإحمائية» ودخول شهر «الرّبح السّريع» دخل التاجر ملعب «القدرة الشّرائية» ليسقط آخر ما تبقّى في قائمة «ما يمكن اقتناؤه».
المتتبّع لانهيار القدرة الشّرائية سيجد الشّهر الفضيل بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، خاصة مع فشل كل محاولات كسر الاحتكار وسلسلة «الغلاء»، فالعلاقة العكسية الرابطة بين تدني القدرة الشّرائية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية حوّلت المواطن إلى رهينة بين يدي تجار شعارهم «هل من مزيد؟».
هو شعار اختاره بعض التاجر عندنا ليكون «وسم» علاقته بالمواطن البسيط، شعار عُرفت به جهنّم في كتاب الله العزيز، التطابق الموجود بينهما كبير مع اختلاف جوهري هو أنّ جهنّم خلقها الله تعالى لتكون مصير ومآل العاصين، أمّا «الغلاء» والاحتكار والمضاربة، فهي «فرن» أوقده بارونات السّوق لحرق آخر ما تبقّى من المستهلك.