«عشر سنوات من الآن، عشرون سنة من الآن، سوف ترون: النفط سيجلب لنا الدمار...»، النفط هو «فضلات الشيطان»، بهذه الكلمات عبر ألفونسو بيريز، وزير النفط الفنزويلي السابق عن رأيه في الثروة النفطية الهائلة المكتشفة في بلاده في سبعينيات القرن الماضي، وما تعيشه فنزويلا اليوم يعبّر بصدق عن نبوءته. فلعنة الموارد، كما سماها مايكل روس، أصابت هذا البلد وبلدانا أخرى تشبهها.
من الناحية الاقتصادية، يعّد النفط والغاز أو أي مورد طبيعي آخر، مكسبا وثروة للدول المالكة له، بالأخص إذا استغل بطريقة عقلانية، أما الآثار السلبية لتلك الموارد فتبدأ بالظهور حينما يتحول ذلك المورد إلى ريع ومصدر رئيسي للدخل، حينها يصطف المجتمع في شكل شرائح ريعية تتقاسم المنافع الناتجة عنه، ضمن منطق الكسب دون جهد.
المجتمع الجزائري أبتلي هو الآخر بانتشار ثقافة الريع بين أفراده، ويمكن أن تستشعر ذلك في نواحٍ عدة ولنأخذ مشاريع «أونساج»، على سبيل المثال والتي منحت للشباب في سنوات مضت.
الثقافة الريعية الانتهازية صوّرت للبعض منهم أن ما أخذه من قروض هو حق طبيعي وهبة أو منحة، وليس عملا اقتصاديا هادفا ومنظما لإنتاج الثروة، وهذا ما يفسّر سلوك الكثيرين - حتى لا نعمّم - في عدم رغبتهم في سداد الديون والرد بـ»حقي من البترول»، عبارة تعكس في حقيقة الأمر الثقافة الريعية في أسمى تجلياتها، وكثيرا ما نجدها تتكرر في نقاشات وتعليقات بعض الجزائريين في وسائل التواصل الاجتماعي بوعي أو بدونه.
المسؤولية ملقاة على السلطات كذلك، باعتبارها المسؤولة عن هذا الريع وطريقة توظيفه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ينبغي أن نراجع علاقتنا بمواردنا الطبيعية والاستفادة من تجارب دول أخرى أحسنت التعامل مع المحروقات كالنرويج – مثلا- حيث لم يمنع استغلالها لتلك الثروات من المحافظة على العمل والجهد كقيمة وأساس لأي مكسب في المجتمع بعيدا عن ثقافة الريع.