تواجه تشاد تهديدات جد خطيرة تستهدف أمنها واستقرارها وتماسكها، وتحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة شعبها وتحكيم صوت الحكمة لمسؤوليها وطبقتها السياسية، في ظرف أمني وسياسي حرج وغير مسبوق، يعصف بهذا البلد الإفريقي المسالم وبالمنطقة التي مازالت لم تتخلص من مخطط التصعيد الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية الدموية وتتأثر بكل ما خلفته من ارتدادات، أثرت كثيرا على السلم والحياة الاجتماعية والاقتصادية لشعوب المنطقة.
ما حدث في تشاد لا يخيف أبناء هذا البلد الذي يتوسط القارة السمراء وحدهم، وإنما يبث الحذر والتوجس حتى في نفوس البلدان المجاورة، فلم يمر سوى زمن قصير على بعض المؤشرات الإيجابية، بعد عودة مسار الاستقرار ونجاح قنوات الحوار في ليبيا ومالي، خطوات سياسية جاءت بمثابة انفراجة أمل وبداية لنهاية كابوس الاضطرابات الأمنية طيلة عشر سنوات من الفوضى والانزلاق الأمني، كاد أن يقصم ظهر هذا البلد العربي والإفريقي الكبير والغني بالثروات، لكن عمر هذا الاطمئنان لم يدم طويلا بعد انفجار الوضع بتشاد، مسفرا عن قلق كبير ومفضيا إلى تحديات إستراتجية عميقة في المنطقة، حيث باتت تواجه مصيرا مشتركا مع دول الجوار لأن أمن تشاد من أمنهم والاستقرار نعمة يتقاسمها الجميع.
الاتحاد الإفريقي يجب أن يتدخل بسرعة ليحقن الدماء ويوقف حدوث أي سيناريو قاتم كلفته باهظة، خاصة أن تشاد قام بواسطة جيشه الذي يتمتع بفعالية عالية بدور كبير ضمن القوة المشتركة لمجموعة الساحل الخمس في مكافحة الإرهاب، وبعد انتكاسة الوضع الأمني يجب التعجيل بخارطة طريق تسطر ملامح المرحل الانتقالية لمنع حدوث الفوضى وإبعاد احتمال اشتعال بؤرة توتر وبالتالي نشوب أزمة جديدة المنطقة في غنى عنها، وينتظر أن يتم الاستفادة من الدروس السابقة عبر الوقوف بجدية وصرامة حتى لا يبرز خطر لم يكن في الحسبان يسفر عن تغيرات سلبية تؤرق الجميع.