يستكين الكثير من الصائمون إلى الراحة بحثا عن يوم رمضاني بدون تعب بعيدا عن بذل أي جهد، حتى أصبح المجتمع الجزائري يعرف ظاهرة تنامت في السنوات الأخيرة اصطلح على تسميتها «من البارا للبارا» وهي تعني النوم من السحور إلى النصف الساعة الأخيرة قبل الإفطار، بينما يبقون مستيقظين طوال الليل.
هؤلاء «الصائمون» يجدون صعوبة كبيرة في التعوّد على عبادة الصيام وهم في كامل قواهم العقلية، لذلك اختاروا النوم كحل للهروب من بطن يتدوّر جوعا وجسم مستيقظ، أما الأمر المحيّر أنهم إن اضطروا إلى النهوض صباحا سيكون جل ما نجده منهم غضب واستفزاز وتطاول وتعدٍ على الآداب العامة وحرمة رمضان، قد يصل إلى استعمال آلات حادة في شجارات تعتبر مجرد مناوشات في باقي أيام السنة.
اختزل هؤلاء شهر الصيام في «رفعة شمة» و»سيجارة» وإدمان على مختلف المهلوسات ولعلّه السبب في أن يحاولوا تجاوز حاجاتهم الشديد إليها بالنوم، لأن الصيام يمنعهم من تناولها ما يتسبب في سلوك عدواني اتجاه الآخرين، لذلك يفضّلون النوم والبقاء بعيدا عن المشاكل في «شهر الرحمة والمغفرة»؟؟.
من «البارا للبارا» إذاً حلٌ وجده هؤلاء للتكيف والتأقلم مع اليوم الرمضاني بعيدا عن أي «إزعاج» يسبّبه الصيام، وبالرغم أنه عبادة إلا أنه عبئ ثقيل عليهم، لأنهم وإن كان أغلبهم من مدمني «الشمة» إلى المهلوسات إلا أنهم لا «يكسرون» حرمة الشهر الفضيل؟؟!!، ازدواجية غريبة تعكس خلطة غير منطقية يتمسّك بها البعض لتسيير حياته.
ولن يكون هؤلاء أسوأ ممن يعملون خلال الشهر الفضيل لكنهم يتعاملون مع محيطهم بعنف واستفزاز لدرجة أن من يعرفهم يتمنى دخولهم في «سبات» رمضاني طوال الشهر الفضيل، حتى لا يتسبّبون في نزاعات وخلافات وشجارات يومية.
في كل مرة ندقّق في مختلف تفاصيل المجتمع نجده يتوجّه إلى التمييع الكلي فلا الأخلاق ولا الدين سلما من التمييع المتعمّد لكل ما يرمز للفضيلة والإسلام، لذلك لن تكون «من البارا للبارا» سوى خطوة أخرى نحو تمييع الشهر الفضيل الذي أصبح مرادفا للغلاء والاحتكار والمضاربة، والعبادة الموسمية التي غالبا ما تكون مجرد «وسم» لتحقيق مصلحة دنياوية.
بغية توريثها إلى الأجيال القادمة.