يُشهر الكثير من الصائمين «سيف الحجاج» في كل تعاملاتهم الاجتماعية سواء كانت قرابة أو عملا أو مكانا عاما، المهم أن الصيام أعطى أغلبهم «الضوء الأخضر» لإشهار طباعهم الحادة المتميزة بالشدة والغلظة في وجه كل شخص يرون فيه إزعاجا واضحا ليومهم «الرمضاني»، فيعبّرون عن رفضهم وغضبهم بسلوكيات مشينة قد تنتهي بشجار ساخن يكون المتهم الأول والأخير فيه «الصيام».
وبالرغم من أنه عبادة وأحد أركان الإسلام الخمس إلا أنه تحوّل في بعض المظاهر الاجتماعية في رمضان إلى «أدرينالين» مُحفزة للعنف والسب والشتم، فكيف استطاع «الأنا» الجمعي المزج بين سمو الروح بالعبادة وبين النفس الأمارة بالسوء، «الخلطة» المستحيلة أعطت البعض التبرير «المقنع»؟؟؟ لكل تجاوزاتهم السلوكية والمعنوية اتجاه الآخر، «فيكفي أن يصوموا «ليكشّروا» عن مكنونات النفس الدنيئة وغير السوية، لتكشف كلماتهم البذيئة والبعيدة عن آداب الاحترام والتحضر عن شخصية مهلهلة تُحاول جاهدة التخفي وراء «الصيام»، فلا يمكن أن تكون العبادة «محفزا» لبعض السلوكيات المرفوضة في المجتمع.
التجاوزات الخطيرة في السلوك الاجتماعي في الشهر الفضيل يجعلنا نتساءل عن سبب الخلل الموجود بين صيام «البطن» وصيام الروح والنفس، بين العبادة في صورتها المادية بالانقطاع عن الأكل والشرب لمدة معينة وبين ترك المعاصي بأن يصون الصائم نفسه من الحرام، فشتّان بين هذا وذاك.
الأغرب من كل هذا، أن يصبح «الصيام» حجة من لا حجة له، فكل شخص يخرج عن إطار الآداب يبرر سلوكه بانقطاع بطنه عن الأكل والشرب، وكأن «غريزة حيوانية» تسيطر عليه، فمتى جاع «هجم» ومتى شبع استكان إلى الهدوء وسكت، في «معادلة إنسانية» منطقها الوحيد «نفسي نفسي» لتتجسّد بذلك معاني الأنانية في أقوى تجلياتها، بعيدا عن الفطرة التي خلق الإنسان عليها.
هو إذاً، صورة واضحة عن محاولات حثيثة لإلباس الحق بالباطل، لكن لم يعلم هؤلاء ان الحق يعلو ولا يعلى عليه، والباطل بطبيعته «الدونية» عاجز عن «ارتداء» لباس «الحق» لأن التنافر» أساس العلاقة بينهما، وبين موجب وسالب لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون العبادة أساسا لظواهر اجتماعية سلبية.