أينما كنا وحيثما تواجدنا لا تخلو الأماكن من دردشات الشباب التي تحتل فيها السياسة المرتبة الثانية بعد الحديث عن الكرة المستديرة، كل واحد يدلو بدلوه ويعتنق فكرة أو مشروعا في خياله لا يقاسمه إلا مع العائلة أو الأصدقاء المقربين.
الشباب يريد أن يمارس السياسة في أرض مفتوحة، والحراك الشعبي الذي ما يزال متواصلا أفضل دليل على ذلك، قد يحملون أفكارا خلاقة، لكن لا تخرج إلى العلن في إطار منظم، لتنقح إذا احتاج الأمر ذلك، وترافق لتتحول إلى مشاريع سياسية أو اقتصادية وغيرها...
السؤال المطروح ما العمل لاستقطاب هؤلاء الشباب الذين يقتلون أفكارهم في المهد، ينزوون ويرفضون الحديث إلى الآخر والتعبير عن مكنوناتهم وانشغالاتهم، خاصة وأن هناك الأطر القانونية التي تمكنهم من ممارسة السياسة وغيرها من النشاطات التي تستجيب لاهتماماتهم؟.
لماذا لم تفلح جمعيات في جلب الشباب للنشاط في إطارها، عدا بعض الجمعيات الخيرية، التي يلجأون إليها تلقائيا بسبب طبيعتها ولأنهم يجنون من ورائها «الحسنات». علما أن عددا من الجمعيات، بشهادة من أهلها، اختفت. والسبب، انصراف أعضائها لتحقيق مصالح ذاتية، بعدما جعلوا منها مطية لذلك. وهناك من فقد ثقته فيها لأنه لم يجد فيها ما كان ينتظره، على الرغم من أن هناك مسؤولين سياسيين ونوابا تخرجوا من مدرسة «المجتمع المدني».
نفس المشكل مطروح على الأحزاب السياسية، التي لم تفلح هي الأخرى في استمالة الشباب ليس للترشح، كما هو الحال بالنسبة للتشريعيات، بل للانخراط داخل الحزب والنضال الذي يتطلب صبرا لا يقوى عليه الشاب، الذي يعاني من مشكل البطالة... وحتى «يتهيكل ويتقولب» الشاب فيه، ومن خلاله يطرح أفكاره ويدافع عنها، لكنه يأبى إلا أن يمارس سياسته بطريقته وبأسلوبه.