عملية اقتناء اللحم بمختلف أنواعه حمراء أو بيضاء، تتطلّب فطنة وحذر وكذا خبرة من أجل تفادي الفشل في اختيار وشراء النوعية الجيدة، لأن من لا يملكون تجربة في التردد على الجزار، قد يقعون في فخّ تحايل من لا يملكون ضميرا وأخلاقا تجعلهم يحترمون عملية البيع والشراء وقواعد النشاط التجاري.
في شهر الصيام لا تخلو عديد الأطباق من اللحوم، وهناك من يقوم باقتنائها أسبوعيا أو كل عشرة أيام وبخلاف ذلك هناك من يقتنيها كل ثلاثة أو أربعة أيام، ونجد بعض المستهلكين يصفون عملية شراء اللحم بالمخاطرة، فلا يمكنهم التردّد إلا عند جزار يثقون في سلعته، خوفا أن تكون رديئة أو قديمة، على ضوء وجود من يسوقون لحم الماعز أو لحم «النعجة» على أنه لحم خروف، ولا تكتشف عملية التدليس إلا بعد طبخ اللحم وقتها يكون قد فات الأوان.
وحتى اللحوم البيضاء معنية بالمخاطرة، في ظلّ عدم رواج وقلة الإقبال على لحوم الديك الرومي، فيقوم بعض الجزارين على بيعها كأنها شرائح صدر ديناراج، علما أنه خلال الطبخ لحم الديناراج لين وبعكس ذلك تكون لحوم الديك الرومي صلبة وقاسية نوعا ما.
ويمكن مراقبة بعض الجزارين بعين لا تغفل خلال شراء اللحم المفروم، لأنهم سيشهرون في وجه الزبون جميع الخطط الماكرة من أجل التخلص من كمية لحم فشلوا في تسويقها، وقد تكون قديمة أو متخمة بالشحوم والجلود التي مكانها سلة النفايات، بينما يتحركون يمينا وشمالا ويلقون بها في آلة الفرم بسرعة البرق، ثم تكب بعيدا عن أعين الزبون في الورق ثم تخفى داخل الكيس البلاستيكي، وعندما يقبض الجزار الثمن تعتليه ابتسامة مكر عريضة، لا يمكن تفسيرها إلا بعد تفحص اللحم المفروم في المنزل.
المثير تعليقات المستهلكين الضحايا التي تذهب بروح فكاهة عالية إلى التأكيد أنهم خافوا من سكين الجزار، حيث عندما يقفون أمام نظراته الثاقبة لا يمكن أن تصدر عنهم أي كلمة نقد سلبية أو عبارات رافضة، ويسلمون أمرهم إلى الجزار..