لم يكن متوقعا أن تحدث حكومة الوحدة اللّيبية كل هذا التقدم الكبير المسجل في السير بالبلاد إلى مستوى تطلعات الإرادة الشعبية في غضون أشهر قليلة، استطاع خلالها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أن يسمع صوت ليبيا في المحافل الدولية وهو يتجوّل في كبرى عواصم العالم والأكثر تأثيرا داخل مجلس الأمن، غير مبال بأصوات اليأس والإحباط التي يحاول أعداء السلام زرعها لإطالة عمر الأزمة.
هذه الإرادة الحقيقية للخروج بالبلاد إلى برّ الأمان تجلّت في إقناع القوى الدولية بمنح الضوء الأخضر لحكومة الوحدة لمواصلة الأهداف المسطّرة. وأسهمت نوايا الحكومة الصادقة في دفع مجلس الأمن الدولي لإعطاء الضوء الأخضر لنشر مراقبين لوقف إطلاق النار في ليبيا، داعيا حكومة الوحدة للإعداد لانتخابات حرّة ونزيهة لا تقصي أحدا في 24 ديسمبر.
وأقر المجلس بالإجماع مقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لنشر 60 مراقبا لوقف إطلاق النار في ليبيا. هو قرار يحمل رسائل قوّية، تؤكد سعي المسؤولين اللّيبيين لتحقيق الاستقرار والديمقراطية في كنف الإرادة الموحّدة بعد توحيد 80 في المائة من مؤسسات الدولة اللّيبية.
ونظرا لأهمية الجانب الأمني الذي يعتبر أكبر عقبة في طريق المصالحة، حث مجلس الأمن الدولي بقوّة كل الدول على احترام ودعم وقف إطلاق النار بسبل من بينها سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير، وطالب بالانصياع الكامل لحظر وصول الأسلحة إلى ليبيا، وهي رسالة أمنية واضحة لكل الأطراف، تنهي عهد الوصاية على الميليشيات التي كانت تقتات على حساب مأساة الشعب الليبي.
وأمام هذه التغييرات تكون حكومة الوحدة ماضية في تنفيذ أهدافها المسطرة لتحقيق الاستقرار دون الاكتراث لأصوات الإحباط، وهي تسير بخطى ثابتة لتعبيد الطريق أمام تنظيم الانتخابات المقرّرة نهاية العام الجاري وهو مطلب شعبي راهن يؤكد أن الشعب اللّيبي مصمّم على طيّ صفحة الماضي السوداء الملطّخة بدماء الحرب الأهلية، وفتح صفحة بيضاء من تاريخ ليبيا الجديدة عنونه الاستقرار والتنمية.