بعد أزيد من سنة عن الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا بات مرافقنا واعتدنا عليه، لكنه اليوم في سلالات لا نعرفها يكشّر عن أنيابه مرتديا ثوبا جديدا، بل أثوابا جديدة متحوّرة، ومعرفة مختلف تسمياتها لا يهم بقدر أهمية وخطورة تسارع انتشارها. اللامبالاة، وعدم احترام الشروط الوقائية التي حفظها وطبقها الصغير قبل الكبير لم تعد توفي بالغرض نظرا لإهمالنا لها، فمع مرور الوقت، تحوّلت إلى مجرد شكليات لا أقل ولا أكثر، لا حيطة ولا حذر، رحلت معهما الكمامة والمحلول المعقّم وانصرفت إلى يوميات جديدة يستقبل فيها المواطنون ضيفا يزورهم مرة في السنة، فموسم رمضان الثاني مع كورونا يذكرنا حتما بالعام الماضي، يومها كنا نحرص على الإجراءات الوقائية التي لم نتهاون فيها خوفا آنذاك من العدوى والآن مع تسابق الأيام أيضا لا يمكن تناسي المرارة التي تغلغلت في أحاسيسنا وربطت على جأش قلوبنا غصّة الفقد الفريدة من نوعها، فأخبار المنية حينها كانت مُرّة كالعلقم ولا تزال تُرعب، ففي كل مرّة نستذكر من فقدناهم تخبرنا، إنها كانت حاضرة هنا وفي كل أرجاء المعمورة ويمكنها أن تأخذ منا أغلى شيء في الوجود، ألا وهو صحتنا، بل فلنقل حياتنا.