في الكثير من الأحيان يفرض التجار منطقهم وأسعارهم وسلعهم على المستهلك دون مراعاة أدنى الشروط المفترض احترامها في قواعد النشاط التجاري، الذي يلزم تقديم بضاعة سليمة من العيوب، بعيدا عن تلميع مظهرها حتى تلقى الرواج المطلوب، لكن الكثير من التجار الذين يستهويهم الربح السريع والوفير، لا يتردّدون في اللجوء إلى خدع ماكرة وحيل تنال من الزبون، وتسقط بذلك الثقة بين التاجر والمستهلك.
بداخل السوق كما لدى الباعة المتجولين بشاحناتهم، الوضع متشابه والسلع واحدة، قد تقتني مادة البطاطا، لكن بعد الوصول إلى المنزل ومعاينة هذا النوع من الخضر، يمكن أن يكتشف المستهلك أنه اقتنى البطاطا ومعها كمية لابأس بها من الطين الملتصقة، ويتطلب الأمر غسلها عدة مرات قبل وضعها في سلة المطبخ بهدف استعمالها في تحضير الأطباق.
ونفس الظاهرة تتكرّر مع عدة خضر وفواكه، فنجد أن الأوراق التي تعلو «الشمندر» و»اللفت» وبعد التخلص منها تناهز حبات الشمندر واللفت في الوزن والكمية، وحتى بالنسبة لمادة «القرنون» نجد أن المبالغة في ترك ساقه طويلة قد تصل أحيانا لـ 20 سنتيمترا، يثير الشكوك بأن الفلاح والتاجر يستهدفان جيوب المستهلك بأي طريقة.
فلم تعد المضاربة والاحتكار وحدهما العدو الأول الذي يتربص بالزبائن بعد بروز حيل ماكرة أخرى، لكن غاية الربح السريع للتجار والمسؤولين عبر تلك السلوكات الانتهازية لا تبرر تحايلهم، والمتفق عليه أن من يحقق الأرباح «العام طويل»، ولا ينبغي أن يستعجل رزقه عبر خطفه من ميزانية الآخرين من دون وجه حق.
ولا تتوقف التجاوزات عند هذا الحد، على خلفية أن بعض الباعة في السوق يرتبون الخضر ذات الحجم الكبير في واجهة المحل سواء كانت برتقالا أو طماطم أو خضرا أخرى، بينما يملأ كيس الزبون بخضر رديئة وذات الحجم الصغير، وكثيرا ما يرفض التاجر طلب المستهلك في انتقاء الخضر التي يقتنيها، وأحيانا تصل إلى مشادات كلامية تنتهي بانصراف الزبون بقفة فارغة رافضا عرضا بشروط ملزمة.