عودة ظاهرة طوابير المواطنين لاقتناء الحليب والزيت والأواني المنزلية وعدة مواد غذائية أخرى إلى الواجهة، توحي بأن هناك ندرة ونقص كبير في الإنتاج وتذبذب في التموين، وتبعث كثير من القلق والضيق في نفسية المستهلك الذي يرتبك وسط غلاء المعيشة ومضاربة الكثير من التجار الذين يرفعون الأسعار من دون سابق إنذار في العديد من المواد لاسيما الخضر والفواكه.
مع اقتراب موعد حضور شاحنة الحليب، يصطف العشرات من المواطنين وسط اكتظاظ كبير أمام محلات بيع المواد الغذائية للظفر بأكياس من الحليب، لكن البائع في الكثير من الأحيان يحدّدها بثلاثة أو أربعة أكياس لكل زبون، وتعكس صورة التهافت والازدحام انطباعا غير جيد لسلوكيات المستهلكين الذين يحركهم الخوف من الندرة التي خلفها سوء التوزيع وعدم تنظيم عملية التموين والنقص الفادح في العرض الذي في كل مرّة يعود ليثير الكثير من الأسئلة.. متى تنتهي أزمة التموين بالحليب؟ ..وما هي الحلول الناجعة للقضاء على التذبذب؟.
لم يقتصر التهافت، عشية الشهر الفضيل، على الحليب وحده، بل طال مادة الزيت التي تعرف اختفاء صفيحة 5 لترات، مما دفع كثير من المستهلكين لترصّد موعد قدوم الموزّع للظفر بأكبر عدد من الصفائح رغم أن كل أسرة تحتاج إلى صفيحة واحدة فقط، وبالتالي استفحال مرّة أخرى عادة التخزين السيئة التي تشجّع الاحتكار مصدر سلوكات غير أخلاقية يعاقب عليها الضمير قبل القانون.
غلق الأبواب في وجه ظواهر مشينة وسلوكات مقيتة من المفروض أنها لا تعود مجددا للبروز في ظل الإمكانيات التي يتمتع بها قطاعي الصناعة والفلاحة، صار ضرورة عن طريق الوقوف على مشكل النقص المسجل الذي جعل المستهلكين متخوفين من اختفائها من السوق أو غلائها، حتى لا تطال مواد غذائية أخرى تجعل السوق في قبضة المحتكرين، والشفافية وحدها من تقضي على الندرة لأن الإنتاج وفير والسلع مكدسة، لكن دخولها المنتظم يبقى التحدّي الأكبر.