كشفت شراسة الجائحة، بعد سنة من الانتشار والتحوّر إلى سلالات هجينة، ملاحقة بمضادات اللقاحات وجهود المخابر، عن واقع مؤلم ومعاناة وخوف يبعث على الآسى والتوجّس، بسبب مواجهتها على أرض الواقع سياسة كيل بمكيالين في عمليات توزيع اللّقاحات، عقب قفز الدول الثرية لاقتناء وتخزين كميات تفوق حاجاتها، دون أن تظهر أي تعاطف مع شعوب ضعيفة.
في كل مرّة تعاقب الدول النامية والأكثر فقرا بطريقة ظالمة، كأنه كتب عليها الشقاء إلى الأبد، وكارثة الفيروس أثبتت تجاهلها في الأزمة الصحية عمدا. يضاف إلى كل ذلك ما تعانيه من جور الإرهاب وقسوة الطبيعة ورداءة الظرف الاقتصادي الصعب وعجز ميزانياتها وتكالب الدول المتطوّرة على نهب ثرواتها.
الأمين العام الأممي، قلق بشأن التوزيع «غير العادل للقاحات في العالم» ومستاء من الدول التي بسطت يدها على الجزء الأعظم من اللقاح ساحبة خيط الحل الوحيد لوقف بطش «الفيروس العنيد». وألمانيا من الدول القليلة التي انتبهت وتأثرت بالصعوبات التي تواجهها «كوفاكس»، ويتعلق الأمر بآلية أنشأتها منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاحات للدول منخفضة الدخل، لأن هذه الآلية تفتقد للمال الكافي لمساعدة العديد من الدول الفقيرة التي تعجز عن استيراد لقاح يجعلها في مأمن من الفيروس.
وفي وقت تسعى فيه دول بكل ما أتيحت من علم ومال إلى كسر رعب الموجة الثالثة، نجد فنزويلا الدولة النفطية، بحثت في حلول النجاة باقتراحها صيغة «النفط مقابل اللقاح» من أجل كسر العقوبات الدولية المفروضة عليها.
المفروض أن يتكاتف العالم ضد عدو واحد، والمفروض أن أصعب التحدّيات توّحد المجتمع الدولي ولا تفرقه من أجل الاستفادة من العلاج، لأن بقاء الخطر قائما باستمرار الفيروس في الدول الفقيرة التي في الأساس تغرق في أوبئة، يهدّد بتحوّره إلى نسخ أكثر ضراوة، لذا ينبغي أن يستفيد الجميع من العلاج، بعيدا عن أنانية الدول الغنية التي لديها قدرة على مواجهة الأزمات.