في كل موسم مثل رمضان تتحرك عصابات الأسواق ومن ورائها شبكات التخزين والمضاربة طمعا في تحقيق مكاسب مالية دنيئة على حساب استقرار القدرة الشرائية. مواد غذائية عديدة التهبت أسعارها بزيادات فاقت كل تصور ولا يمكن تبريرها بقواعد حساب اقتصادية، حتى وإن كان البعض ممن فشلوا في ضبط السوق، يفضلون البحث عن مبررات يصعب هضمها، مثل ارتفاع تكاليف الشحن وغلاء الأسواق العالمية وغيرها مما لا يصدّقُه عاقل.
المُعضلة الجديدة- القديمة التي توارثتها الحكومات المتعاقبة، تتمثل أساسا في ضعف تنظيم المنظومة التجارية وانقطاع الصلة بين الجهاز الإنتاجي والبنية التسويقية، خاصة أسواق الجملة التي تعتبر منذ سنوات «إمارات» خارجة عن القانون، قاومت كل البرامج والمشاريع التي تقُود إلى إضفاء الشفافية على السوق.
في زمن الرقمنة، موازاة مع حرية المبادرة في الاستثمار والسعي للربح والكسب وفقا لقواعد العمل المنتج والاجتهاد في الخدمة، ما تزال بؤر المضاربة والتهرب الضريبي والغش تنشط في الميدان متحدية الأخلاق والقانون والأعراف، همها الأوحد الربح والربح فقط بكل الطرق حتى لو أدى ذلك إلى زعزعة استقرار المجتمع، في منعرج حاسم لا يحتمل مزيدا من الضغوط على المواطن وإشاعة الفوضى في الساحة، التي تحتاج إلى الهدوء لإنجاز مسار التحوّل المؤسساتي بإرادة شعبية تتطلب مناخا لا يقبل كل تلك الممارسات الساقطة، لا صلة لها بالفعل التجاري، مهنة لها أُصول وتقاليد عبر الزمن، أكبر من أن تكون قرصنة.