أطماع كبيرة تحدق بمنطقة شرق المتوسط، وسط بروز تحالفات إستراتجية بين عدة أطراف، لكن هذا لم يمنع من تصاعد موجة من التآمر من أطراف أخرى للظفر بامتيازات أكبر في منطقة تنام على ثروة من خزائن النفط والغاز، وكل ذلك خلف أزمة باتت تلوح في الأفق، كاشفا عن تنافس شرس يشبه تماما القنبلة الموقوتة، حيث يتخوّف من اصطدامه بجدار العنف في ظلّ صعوبة دقة ترسيم الحدود البحرية بما يرضي طموح كل طرف.
اللافت، أن جزء كبير من هذه الثروة يقع في المنطقة العربية، ما جعلها محورا لصراعات ومسرحا لألغام خطيرة قد ينفجر المزيد منها في أي وقت، يضاف إليها النزاعات وبؤر التوتر التي سرقت الاستقرار من عدة بلدان، تقع في هذه المنطقة على غرار ليبيا وسوريا وفلسطين ولبنان، وما على الدول العربية في الوقت الراهن سوى الحذر مما يحاك ضدها في الخفاء، ومطالبة للحفاظ على مصالحها أن تفاوض بذكاء ومن منطلق قوة، بعد تجاوز خلافاتها الداخلية وتوحيد صفوفها من أجل أن لا تترك أي مجال للضغط عليها سياسيا، ولتمنع آلة التدخل العسكري داخل ترابها.
تحرّك غربي ظاهره سياسي، لكن أغراضه اقتصادية توسعية للاستيلاء وبسط الهيمنة على أكبر قدر من الطاقة التي تعوم وسط بحيرة من الغاز يُقدّر مخزونها بما يناهز 122 تريليون، يرجح أنها ستغطي حاجة السوق الأوروبية لمدة ثلاثين عاما، وبينما يمكنها أن تموّل حاجة السوق العالمي لمدة تزيد عن سنة واحدة حسب تقديرات جيوليوجية، علما أن شركات توتال الفرنسية وإيطاليا الإيطالية انطلقت بشكل مبكر في عمليات الحفر على بعد 167 كيلومترا بالقرب من الساحل الجنوبي لقبرص التي تتربّع على حقل ضخم من المياه الدولية يكتنز في أعماقه ما لا يقل 30 تريليون قدم مكعب من الغاز.
«الطاقة أولا وقبل كل شيء»، شعار تحمله القوى الاقتصادية الكبرى، التي لن تتردّد في تنفيذ خطط تكتيكية تسحب عبرها أكبر قدر من الثروة السوداء، حتى وإن كان ذلك ملطّخا بالدماء، لأن تخوّف بعض المحللين من قدرة ثروات المتوسط من إشعال لهيب حرب إقليمية إذا زاد الصراع عن حده، غير بعيد عن الواقع، وفق ما يجري في الوقت الحالي من تسارع لبسط النفوذ عبر غطاء ترسيم الحدود البحرية في المياه الإقليمية.. فهل تتمكّن الدول العربية من تجاوز ظرفها الصعب وتتفاوض على ثرواتها في الوقت المناسب؟