أن تكون مراسلا صحفيا لقناة أو صحيفة، لا يعني إطلاقا امتلاك الحق في تجاوز نطاق المهمة الإعلامية والالتزام بقواعد الاحترافية، نقلا أمينا للخبر والتزاما بالموضوعية والتجرد وعدم الانزلاق إلى ممارسة الدعاية.
ما يجري في الشارع انعكاس لقيمة الحرية في التعبير المكرسة في الدستور، وهي مسألة جزائرية بحتة، تعني الجزائريين، غير أن قنوات أجنبية تجاوزت إطار الممارسة الإعلامية، وتحولت إلى طرف في تعدّ صارخ لقواعد الضيافة، بعد أن سجلت تجاوزات استدعت تحرك وزارة الاتصال لكبح التطاول من قناة فرنسية خاصة أطلقت العنان لممارسات لا تجد أثرا لها في مهنة الصحافة، بل تعكس أداء أدوار أخرى خطيرة.
قناة فرنسية موجهة لاستهداف بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، خاصة الجزائر، تنتقي مواضيعها وفقا لأجندة مسطرة لأهداف دقيقة، كما يبدو، فلا تتحدث عن الذاكرة بالتفاصيل وتقفز على حقائق إيجابية كثيرة تعرفها الجزائر، مفضلة البحث في مسائل من وحي الخيال وبتوجيه يبدو أنه من صنع جهات غير إعلامية، محاولة النيل من مسار الإصلاحات الديمقراطية السليمة وإعاقة مسيرة النهوض.
ليس هكذا تبنى الثقة أساس أي شراكة ولا هكذا تعالج ملفات عالقة، أبرزها الذاكرة، التي تجد صداها في الشارع الجزائري، عنوانا بارزا في المشهد، ترفض تلك القنوات رؤيتها. لكن هيهات... فالمواطن مهما كانت درجة الغضب لديه ومهما كان اتجاهه، لا تنطلي عليه تلك المزايدات أو الألاعيب الخبيثة، فلا مجال إطلاقا لشق الصف الوطني أو إعادة ترتيب الأولويات، ذلك أن الحركة الاحتجاجية أساسا أعلنت رفضها للتدخل الأجنبي في الشأن الجزائري، سواء إعلاميا أو دبلوماسيا، وسابقة البرلمان الأوروبي خير دليل.