استطاعت السلطة التنفيذية الليبية الجديدة افتكاك ثقة نواب البرلمان الذين منحوا الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في مشهد سيُسجل في تاريخ البلاد بانتهاء مرحلة الانقسام التي تجسدت في التئام مجلس النواب في مدينة سرت لأول مرة منذ سنوات بسبب الصراعات والنزاع على السلطة.
لكن التصويت بالأغلبية على حكومة الوحدة كما يسميها أقطاب السلطة الجديدة قطع نهائيا تلك المرحلة السوداء في ليبيا، ويعود الفضل إلى شخصية الدبيبة الكاريزمية في إقناع نواب الشعب بضرورة إنهاء الانقسام، وكان وقع اجتماع البرلمان مدويا أكثر من حدث التصويت، وذلك لما شاب الخطوة الدستورية من عقبات وتشكيك في نوايا السلطة الجديدة نحو إحداث قطيعة مع ممارسات الماضي.
وإيمانا منه بحقن دماء الليبيين عكف الدبيبة على قبول سقف تطلعات النواب بخصوص الشخصيات الوزارية غير المرغوب فيها، وأكد أن الطاقم الحكومي مؤقت وهدفه طيّ صفحة الحروب والانقسام والاتجاه نحو الاستقرار والبناء عبر تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر القادم.
قناعة راسخة أظهرتها السلطة الجديدة في التعامل مع مطالب الشعب عبر صوت مجلس النواب، الذي كان هو الآخر حاضرا للمشاركة في مرحلة جديدة لا صوت يعلو فيها على صوت الشعب بعيدا عن شعارات: شرقية وغربية، في مشهد قلما شاهده العالم منذ دخول البلاد في حرب طاحنة لم يستفد منها سوى أعداء السلام المروّجون لشعارات الديمقراطية الحديثة، التي هدمت دول ولم تبنها.
ويبقى أمام المجلس الرئاسي و الحكومة الانتقالية بناء ليبيا جديدة لا مكان فيها لصوت التشاؤم والانقسام، حيث تبدو كل الظروف مهيئة لتحقيق هذا الحلم الذي طالما تمناه الشعب الليبي الشقيق، ورغم أن العقبات كبيرة لكن كفاءة القيادات الجديدة أكبر، لاسيما بعد نجاحها في إنهاء الانقسام داخل مجلس النواب والإجماع بصوت واحد على حزب الوحدة الوطنية كخطوة جبارة تزرع الثقة والأمل في كل مكونات الشعب بما فيها المرأة التي تولت وزارة الخارجية لأول مرة في تاريخ البلاد، في خطوة قطعت الشك باليقين أننا أمام سلطة وحدة وطنية بامتياز.