انتهت رحلة البحث عن مقعد في مكتب «حكومة كرة القدم» (فيفا) بإعلان خير الدين زطشي انسحابه بعد إدراك صعوبة المهمة.. بالطبع السباق حُسم في منعرج اجتماع «الكاف» حيث لا تحوز الجزائر على كرسي لائق رغم ما تحمله من إرث تراكمت إنجازاته عبر سنوات طويلة. أن يتعثر طموح أمر وارد لكن عدم استخلاص الدروس خطر على مستقبل التطلعات في التواجد على مستوى مراكز القرار الإقليمي العالمي لكرة القدم، ولعل من الدروس الأولى إبعاد البحث عن مبررات، والانتقال إلى مراجعة مسار «الفاف» وامتلاك الجراحة في إخضاع كل الحصيلة لنقد ذاتي لا مكان فيه لمجاملة أو مغالطة. المثل يقول «لن تكون قويا إلاّ بمن حولك»، فهل ينظر زطشي لمن حوله من تركيبة في مكتب الاتحاد فيخاطب الجميع بصراحة الميدان، لا مجال في ذلك لمهادنة أو اعتبارات أخرى، للعودة إلى مسار الإصلاحات العميقة والحقيقية التي يمكن بها إنجاز التحول الرياضي المطلوب، لا مجال فيه لمصالح شخصية أو فئوية. غير معقول أن ينتزع الفريق الوطني كأس القارة السمراء ولا تحقق الفاف مقعدا متواضعا في ميدان تتصارع فيه أمم، ترتكز حقيقة على عمل لوبيات وكواليس لكنها تمتلك أيضا رصيدا يعطيها الثقل المطلوب، في مثل هذه المعارك، التي تختلط فيها اعتبارات عديدة تستمد مفعولها من مدى التزام أي اتحاد بقواعد الاحترافية والانسجام والعمل بمعايير تواصل حديثة قاعدتها «صاحبي اللي يحمر لي وجهي». بلا شك أن زطشي وهو يخاطب ضميره قد وصل إلى هذه الحقيقة، لكن هل يبادر بنفض الغابر عن هياكل الاتحاد الجزائري لكرة القدم وصياغة ورقة طريق ترسم في الوضوح وبمشاركة الفاعلين بعيدا عن حسابات البعض ومناورات البعض الآخر، والبداية بتطهير المناخ العام مرورا من بوابة إعادة ضبط العلاقة مع كل الشركاء، ذلك أن مواقف وسلوكات البعض على مستوى منابر إعلامية انزلقوا في اتجاه لم يخدم رئيس الفاف بل وضعه في الزاوية، فتبخرت أحلام تحولت إلى كوابيس مرهقة.