الكميات المهولة للمحجوزات اليومية من الكيف المعالج ومختلف أنواع وأشكال المخدرات، تؤكّد أن هناك حربا حقيقية معلنة على بلادنا بهذه السموم، التي تتدفق عبر حدودنا كسيل جارف قادم من الجارة الغربية بمباركة ورعاية مخزنية؟
بحسب بيان لوزارة الدفاع الوطني، ما تم حجزه خلال السنوات الأربع الأخيرة من الكيف المعالج والمهلوسات، يكاد يضاهي واردات الجزائر من الحبوب، حيث أن ما تم حجزه من هذه السموم في الفترة ما بين جانفي 2017 وفيفري 2021 تجاوز 6 ملايين قرص مهلوس و202,6 طن من الكيف المعالج، دون احتساب الكميات التي تسلّلت فعلا إلى بلادنا، مما يعني أنه بعملية حسابية بسيطة فإن ما يتم حجزه سنويا هو 1,5 مليون قرص.
هذه الأرقام تؤكّد كذلك، أن هناك مشاريع ترعاها وكالات استخبارية وأن الاتجار بالمخدرات بمختلف أشكالها، لم تعد مجرّد وسيلة للحصول على الأموال لفائدة جماعات إجرامية، ولكنها وسيلة لضرب أمن واستقرار الدول، من خلال استهداف المجتمعات وفي مقدمتها الشباب، باعتباره الطاقة الحية لأيّ أمة كانت؟
حروب الأفيون ليست جديدة. والتاريخ يروي قصص حروب السموم والمخدرات على الشعوب لتعطيل نهضتها. ففي القرنين 17 و19 كانت هناك حرب أفيون أعلنتها المملكة المتحدة على الصين وأطلق عليها حرب الأفيون 1 و2 من أجل إجهاض نهضة العملاق النائم، غير أن هاتين الحربين وإن لم تمنعا استيقاظ العملاق، فقد استطاعت تأخير ذلك.
الأكيد، أن صد هذه الحرب المعلنة لا تكفي معها الوسائل الصلبة وحدها ولكنّها تحتاج إلى مقاربة شاملة تشرك الجميع في حماية بلادنا ومجتمعنا من هذه السموم. والبداية تكون بسن قوانين صارمة ورادعة مرفوقة بمقاربة اجتماعية تنتشل الشباب الجزائري من براثن الفراغ القاتل وقبل كل هذا تبقى الأسرة رأس الحربة في هذه المقاربة، لأنّ استقالة الأولياء ساهمت بشكل كبير في تدمير مستقبل أولادهم –للأسف.