يواكب التنظيم الإداري بإحداث ولايات كاملة الصلاحيات تطور مسار النمو الديمغرافي ومتطلبات التنمية وفقا لمقاربة تقريب الإدارة من المواطن. 10 ولايات منتدبة سابقا أصبحت ولايات كاملة ليرتفع العدد إلى 58 جماعة إقليمية مطالبة اليوم بالارتقاء إلى مستوى التحديات التي ترسُمها معالم الجزائر الجديدة، حاضنة الجميع.
الولايات الجديدة تعكس استجابة لتطلعات سكانها لطالما انتظروا تقريب المرفق العمومي لمواكبة التطورات والمساهمة في الديناميكية الوطنية على أساس تكافؤ الفرص مما يعطي دفعا للمبادرة في الجهد الوطني للنهوض بالاقتصاد انطلاقا من موارد محلية، تقدم الإضافة المطلوبة، إذا ما نجح مسار إدماجها باحترافية ونجاعة في معادلة النمو.
إقامة ولايات بهوية رقمية ترتكز على مقومات محلية من شأنها أن تضعها في صدارة التحول الإداري بما يقضي على البيروقراطية ويفتح المجال أمام الاستثمار المنتج للثروة، فالتكنولوجيات الجديدة توفر أدوات بناء إدارة عصرية قوامها الذكاء الإنساني، مصدر القيمة المضافة وضمان الديمومة.
وإذا ما تأسست هذه الكائنات الإدارية بتصورات حديثة ووسائل عصرية، قلبها النابض الكفاءة البشرية، يمكن تدارك التأخر بأقل كلفة، خاصة وأن الجامعات على امتداد الجغرافيا الوطنية تُوفر موارد بشرية جديرة بأن تدرج ضمن مقومات المعركة الاقتصادية.
ولايات جديدة ينبغي أن تقوم على مقاربة حديثة بعيدا عن الصورة النمطية للجماعات المحلية المثقلة بممارسات معطلة للحركية ومكبلة للمبادرة ومنفّرة للمحيط، لذلك النجاح مرهون بمدى إرساء هياكل أكبر من مجرد بنايات ووسائل ضخمة، إنما تقوم على قواعد إدارة رقمية من خلال شباك موحّد يجمع كل المديريات والمصالح وراءها كفاءات ذات قدرة على تجسيد البرامج وكسر هاجس البيروقراطية في التعامل اليومي مع المواطنين والمستثمرين والشركاء عبر بوابات إلكترونية.
أكثر من هذا الحفاظ على الطابع المحلي الاقتصادي لكل ولاية من حيث أنها قطب فلاحي أو سياحي أو صناعي تراعى في المشاريع جوانب البيئة وحماية المحيط تأسيسا لإدارة خضراء، خالية من كل الشوائب العالقة بتلك التقليدية. فلا ينبغي أن يكون الانتقال مجرد استنساخ آلي لمرفق قائم متورّم بيروقراطيا وفاقد للحيوية المطلوبة بقدر ما هو ولادة كائنات إدارية عمومية جديدة قلبا وقالبا.