تعرّض موكب وزير الداخلية الليبي، فتحي باشاغا، لمحاولة اغتيال بعد أن قامت مجموعة مسلّحة بهجوم فاشل على موكبه عبر إطلاق نار كثيف أدى - حسب أنباء - لمقتل أحد مرافقيه الأمنيّين، الذين تمكّنوا من الرد على إطلاق النار وقتل وجرح بعض المهاجمين واعتقال الباقين، وقد حصل الهجوم أياما بعد انتخاب سلطة تنفيذية ليبية جديدة، وبدء رموزها بمباحثات داخلية وخارجية لتنفيذ خارطة الطريق الأممية والوعود التي أعلنوها.
تساؤلات عديدة تطرح أمام هذا الاعتداء الخطير، واستفهامات كثيرة حول نوايا شرذمة بقايا الإرهاب للتحرك في هذا الوقت بالذات، مع مساعي صادقة تنتهجها السلطة الجديدة لرأب الصدع وإنهاء الخلافات والانقسام الحاصل قبل تعيين الحكومة المؤقتة في غضون أيام! ولا يؤكّد هذا العمل الجبان سوى على حقد دفين لدى أقلية داخلية تسعى إلى إجهاض مشروع المصالحة الشامل قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام الجاري.
استهداف الوزير باشاغا، المنحدر من مدينة مصراتة، كونه أحد الأشخاص المتصدّرين للمشهدين السياسي والأمني في العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية، فهو يتمتّع، منذ تعيينه وزيرا للداخلية في حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بنفوذ ضمن التشكيلات الأمنية، واستهدافه في هذا الوقت يأتي بعد تسريبات أولية أشارت إلى إمكانية بقائه على رأس الداخلية في الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبة، وهو ما يثير غضب بعض الميليشيات التي تصدّى لها الرجل بقوة في إطار إنهاء الأزمة الأمنية.
لكن الجهات المستهدفة للمسؤول الرفيع أكيد أنّها تحمل حقدا على ليبيا وليس على باشاغا، كما أنها لا تدرك أن الوطن ليس أشخاصا بقدر ما هو مؤسّسات دولة، لاسيما في ظرف استثنائي يتطلّب قدرا من الصبر والوطنية، لمنح الفرصة للسلطة الجديدة لتنفيذ ما وعدت به في الجانب الأمني والسياسي، ثم الحكم عليها لاحقا، لأن زرع الشّوك في طريق الحوار السياسي الشامل هو في الحقيقة محاولة لاغتيال المصالحة وليس اغتيال أشخاص!