عشية احتفال الشعب الجزائري بالذكرى الثانية للحراك الشعبي والذكرى الأولى لإقرار هذا اليوم المشهود، يوما وطنيا للتلاحم بين الشعب الجزائري وجيشه، تحاول أطراف، يائسة، التشويش على هذه العلاقة الأزلية الأبدية من خلال الترويج لأكاذيب مفضوحة لا يصدقها لا عقل ولا منطق.
صحيح التعديل الدستوري خوّل للجيش المشاركة في عمليات حفظ السلام خارج الوطن وفق ضوابط واضحة وبضوء أخضر من الشعب الجزائري، عبر ممثليه المنتخبين. وفي هذا حدَّدت ونظَّمت المواد الدستورية 29 و31 و91 كيفية المشاركة في هذه المهام غير القتالية. ولعل أهم ما جاء فيها، أنه لا يمكن لجندي جزائري واحد مغادرة الحدود الوطنية دون مصادقة ثلثي أعضاء البرلمان بغرفتيه، فكيف يصدّق عاقل أكاذيب مغرضة مفادها، أن «الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، يتهيّأ للمشاركة في مهام في الساحل، في الوقت الذي تم فيه حل الغرفة السفلى بقرار من رئيس الجمهورية؟».
ثانيا، المادة 31 من الدستور المعدّل، تنص صراحة على أن الجيش وفي حال مشاركته في مهام خارج الوطن، يكون ذلك حصريا في مهام لحفظ السلام تحت مظلّة الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية. وهذا ما يكشف ويعرّي بطلان وزيف تلك الادّعاءات والإشاعات المضللة، التي تروّج لمشاركة قواتنا المسلحة في قوات «5 ساحل» التي تقودها باريس وجاءت بمبادرة منها، بهدف التشويش على مبادرة دول الميدان. فهل من المعقول أن تشارك الجزائر في مبادرة متآكلة، بعد اقدام دول إفريقية مشاركة فيها على سحب جنودها، من بينها التشاد التي كانت تعتبر رأس حربة في هذه المجازفة؟
الزيارة الأخيرة لقائد الجيوش الموريتانية إلى الجزائر، شهر ديسمبر 2020، أزعجت أطرافا، أدركت أنها ستفتح آفاقا كبيرة للتعاون العسكري والأمني مع الشقيقة موريتانيا. وما أزعجهم أكثر، أنها ستعيد إحياء مبادرة دول الميدان من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في الساحل الإفريقي، وفق مقاربة جزائرية. علاوة على ما تمثله من فرص الاستفادة من آليات التعاون الأمني والاستخباري وفي مقدمتها لجنة الأركان العملياتية المشتركة «CEMOC»، ومقرها بتمنراست.
الميثاق الغليظ الذي يربط جيشنا بشعبه، أكبر من أن تنال منه الدعاية المغرضة أو الإشاعات المضلِّلة، مهما كانت مخرجة بإتقان، خاصة في هذا التوقيت بالذات، ذكرى الحراك الشعبي الذي تجسّدت فيه أسمى وأجمل صور التلاحم والانصهار، فهل تستطيع إشاعات تافهة النيل منهما؟!