التغيير من سُنـن المجتمعات التي تأبى الاستسلام للأمر الواقع وترفض تبريرات الظروف، لذلك يندرج التعديل الحكومي الذي قرره الرئيس تبون ضمن تعزيز وتيرة التغيير، انسجاما مع التوجّهات الكبرى التي رسمها للمرحلة المقبلة، بما يستوعب مطالب الشعب المعبر عنها في «الحراك».
مكاسب عديدة تحققت وأخرى ماتزال، تتطلب مزيدا من العمل والتواجد في الميدان لرفع التحديات في وقت تقتضي المرحلة الانتقال إلى سرعة متقدمة في مواجهة مختلف جوانب الأزمة من خلال الإنعاش الاقتصادي، الضامن لإدراك النمو.
قطاعات مختلفة يراهن عليها في تصحيح المعادلة الاقتصادية بما يسمح بتجاوز منعرج الأزمة وتتطلب فقط إدراج مخططاتها ضمن مقاربة الإنعاش القائم على الاستثمار والشراكة بمعايير إنتاج القيمة المضافة عن طريق تحرير المبادرة الإنتاجية والرفع من فعالية إقحام الجامعة في الابتكار والتجديد، خاصة من خلال توسيع نطاق الرقمنة.
مواجهة الأزمة لم تعد تحتمل ممارسات بيروقراطية بالية، بقدر ما تحتاج إلى حلول ميدانية في كافة القطاعات التي تشكل أرضية الإقلاع الاقتصادي ببعده الاجتماعي، موازاة مع دفع قاطرة الإصلاحات التي تشمل قطاعات معنية مباشرة بنجاح الإنعاش، مثل البنوك والضرائب والجمارك التي تعد أكثر القطاعات المعنية بالرقمنة.
خلف هذه المرافق تقف قطاعات أخرى، خاصة خارج المحروقات أمام عتبة امتحان مصيري يكون النجاح فيه من بوابة تجسيد مشاريع ذات جدوى، عمودها الفقري التكامل والاندماج، مع انتشار واسع على امتداد الجغرافيا، حيث موارد طبيعية ثمينة في الفلاحة أو المناجم أو السياحة والصيد البحري والتكنولوجيات والثقافة وغيرها، تنتظر فقط من يتعامل معها بروح مبدعة وعلى مسافة قريبة لإنتاج القيمة المضافة.
في خضم هذا، يبقى العلم القلب النابض لإحداث الحركية المطلوبة، بتعزيز انفتاح النسيج المؤسساتي على الذكاء الاصطناعي لإنضاج المشاريع لتكون قابلة للتجسيد في آجالها وبأقل كلفة، أمر يشكّل التحدي الأول لكل المتعاملين الذين يرتبط مستقبلهم في السوق بمدى التزامهم بالأهداف الوطنية الكبرى للنمو، مفتاح الخروج من نفق أزمة مزمنة، لكنها ليست قدرا محتوما.