لم تكن من مناسبة أفضل مثل يوم الشهيد ليخرج الرئيس تبون معلنا تفاصيل استئناف مسار التغيير، وفقا لورقة الطريق المتعاهد عليها مع الشعب الجزائري.
الموعد كان محط أنظار واهتمام الرأي العام منذ عودته من العلاج تحسبا لتجاوز منعرج أزمة مزدوجة اقتصادية وصحية بفعل جائحة كوفيد-19 ولكن أيضا لحلحلة الوضع العام الذي بدا وكأنه راكد، سواء في المشهد السياسي أو الاقتصادي.
إشارات عديدة رصدها الرئيس خلال الفترة السابقة، مدركا متطلبات اللحظة الفارقة معدّا لها حلولا تزامنا مع الذكرى الثانية للحراك الذي حقق الكثير من المكاسب وأخرى في الطريق ضمن الأطر الدستورية.
أسلوب الخطاب الذي توجه به الرئيس إلى أفراد الشعب الجزائري بكل شرائحه، يعكس مقاربة اتصال جديدة ترتكز على مخاطبة المواطنين بلغة لا غموض فيها، تزيح كل لبس، ما أعاد التواصل بعد فترة طارئة، حاول فيها البعض الاستثمار لأهداف ضيقة ومصالح لم يعد لها موقع في الساحة، التي تستعد للانتقال إلى مرحلة أكثر حيوية في بناء مؤسسات دستورية صلبة تستمد شرعيتها ومصداقيتها من الإرادة الشعبية.
لذلك، كان الإعلان عن حل المجلس الشعبي الوطني، استجابة لمطلب عبر عنه المواطنون وصرخوا به، خصوصا في ديناميكية الاحتجاجات الشعبية منذ عامين، تأسيسا لنظام سياسي قائم على المؤسسات ينهي تماما الحكم الفردي، وهو ما تم الشروع في إنجازه من خلال رئاسيات ديسمبر 2019 التي فتحت المجال واسعا أمام تلبية كل المطالب التي يتقاسمها المجتمع، خاصة الحراك وقد أنجز ما هو مصيري بإنهاء مغامرة العهدة الخامسة الممقوتة ووضع متورطين في الفساد من كبار المسؤولين حيث هم حاليا وتكريس منهج التغيير تحت مظلة دستور جديد يوفر مفاتيح أزمة نظام سياسي بلغ نهايته لينطلق آخر بروح جوارية قريبة من المواطن، معياره إبعاد الممارسة السياسية الانتخابية عن المال الفاسد خاصة وتحرير إرادة الناخبين في اختيار ممثليهم في مناخ هادئ يضفي الشفافية.
إشارات قوية أعطيت لتكون عربون ثقة من خلال إجراءات توصف بالتهدئة تعيد الثقة للتفرغ لمواجهة تداعيات الأزمة متعددة الأشكال التي تلقي بثقلها على كاهل الاقتصاد والمواطن، أمر يحتاج للاستقرار وسعي الجميع طالما ان التغيير مستمر.