إذا كانت البلدان التي اختارت الارتماء في الحضن الإسرائيلي المخضّب بدماء آلاف العرب والمسلمين تعتقد بأن خيار التطبيع والمتاجرة بالقضية الفلسطينية يمكن فرضه كأمر واقع على شعوبها، فهي بكلّ تأكيد مخطئة واعتقادها يجانب الواقع والحقيقة، لأن فلسطين الأرض والقضية، تسكن وجدان كلّ مواطن عربي من المحيط إلى الخليج، ولا يمكن لجرّة قلم أن تمزّق ذلك الحبل السرّي الذي يربط العرب والمسلمين بقضيّتهم الأولى، لهذا فلن يفاجئنا مطلقا الوقوف على حملات مندّدة بعملية التطبيع المجانية التي دشنتها في السنة المودعة أربع دول عربية والتي تجري وقائعها عبر مختلف وسائط الإعلام الحديثة، ولن تفاجئنا مشاهدة ناشطين من قلب الدول المطبعة يتحدّون جدار الصّمت والخوف ويتكتّلون في تنسيقيات وحركات لمقاومة التطبيع ومناهضة الصهيونية ودعم القضية الفلسطينية العادلة.
فقبل أيام، أعلن ناشطون مناهضون للتطبيع ومناصرون لفلسطين، من 20 بلدا عربيا ومسلما عن تأسيس «الهيئة العليا لتنسيقية مناهضة الصهيونية ومقاومة التطبيع» وجعلوا من 2021 عام فلسطين لمقاومة التطبيع.
والمثير للاهتمام أن قيادة هذه التنسيقية يتولاها نشطاء من الدول التي لبست عباءة التطبيع، ما يعني أن شعوب المغرب والبحرين والسودان والإمارات العربية لا يمكن أن تكون في مجموعها موافقة على سياسة أنظمتها تجاه الكيان الصهيوني، بل يمكننا الجزم بأن الجزء الأعظم منها رافض لإقامة أي علاقات مع إسرائيل، وتعتبر ذلك هدرا للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة.
الشعوب العربية قالت كلمتها فهي تكفر بالتطبيع وتدعم القضية الفلسطينية، ما يجعل الكرة في مرمى الفلسطينيين الذين عليهم أن يجنحوا إلى رأب الصّدع الذي ضرب وحدتهم، ويعملوا على تجاوز انقسامهم من خلال الالتفاف حول السلطة المرتقب انتخابها بعد أشهر، والتمسّك بالمقاومة كخيار لاستعادة الحقوق المغتصبة.