مفارقة مثيرة للانشغال تحمل تهديدات لمناخ الاستقرار، تتمثل في هاجس الجريمة التي تعكر صفو المجتمع في كل لحظة أمل يستعيد أنفاسه، ليفتح صفحات جديدة تكتب عليها تطلعات مشروعة لشباب تواق للابتكار والمبادرة والمساهمة في نهضة البلاد.
الجريمة النكراء التي راح ضحيتها طالب شاب بإحدى إقامات الجامعة بوهران، تدق مرة أخرى ناقوس خطر، ليعود مجدّدا الحديث عن الأمن العام في الشارع والمدينة وفي كل منعرج، من حيث مدى التكفل بقطع دابر الجريمة من جذورها في جزائر لا يمكن أن يتعرض فيها مواطن لتهديد أو ابتزاز أو طعنة.
الإنسان، وبالذات الطالب، ثمرة أسرة ومستقبل وطن، يستحق كل المرافقة والرعاية والحماية، دور يقع على عاتق المجتمع برمته، من خلال أدوات يسخّرها القانون، ينبغي أن تضاعف الجهد لتكريس سلطة القانون في عمل استباقي بتفعيل شتى الوسائل.
يطرح مفهوم حقوق الإنسان، ينبغي تدقيقه، لمن تعود، للضحية أم للمجرم، الذي يستفيد من إجراءات الحبس الإنسانية وكلفتها، بينما ضحيته تدرج في تعداد «القضاء والقدر»، أمر غير مقبول، بينما في كل لحظة تصرخ أمهات وآباء أصيبوا في مقتل من أشخاص ليس لهم مبرر ومن ثمة تسقط عنهم الظروف المخفّفة.
قبل أشهر فقط تقرر الرفع من حدة مجابهة الجريمة في إطار مكافحة عصابات الأحياء وتفكيكها بقوة القانون، وتم في محطات عديدة فرض سلطان العدالة وكبح ممارسات لا مجال لها في جزائر قلبها النابض المواطن، الحلقة المتينة في كل المعارك المصيرية التي تخوضها البلاد، كونه النواة الصلبة لكل البرامج والمشاريع المصيرية.
الثروة البشرية، في مقدمتها النخبة الجديدة الجامعية حاملة المشاريع التي تخترق الأفق بتحدياته، ومصدر المناعة للأجيال، في عالم تبرز فيه تهديدات ومخاطر، تستحق المرافقة بكل الوسائل والأدوات بكل ما لها من سلطة شرعية وقوة للتوعية أحيانا وكبح وردع للمتمادين أحيانا، حتى لا يتعرض الاستقرار وبالذات السكينة والطمأنينة للخطر.
إن أمن المجتمع من أمن أفراده حيثما كانوا، من حق المواطن، دافع الضرائب والملتزم بالقانون والمحترم للشرعية، تأمين سلامته، أمر متاح اليوم، بعد كسر موجة الإرهاب وتفكيك منظومة الفساد، فلا يعقل أن يعبث قطّاع طرق بأجيال المستقبل.