أحدثت زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد، محمد المنفي، إلى مدينة بنغازي ضجّة كبيرة في المشهد السياسي وشغلت الرأي العام، إثر هجمة طالت المسؤول الجديد، عقب لقائه الجنرال خليفة حفتر أحد الفرقاء المعنيين بالحوار السياسي الجاري، وقوة تأثير في الشارع الليبي، سواء اتّفق على ذلك أم لا بالرغم من الدور الذي يلعبه.
الذين عارضوا خطوة المنفي بعد أيام قليلة على انتخابه، برّروا رفضهم واستنكارهم الشديد لمّا قام به سابقا قائد الجيش الليبي من تجاوزات حسب تقديرهم في حق سكان طرابلس، ومشاركته في تعميق الأزمة التي شهدتها البلاد منذ عشر سنوات، وقالوا إنّه ما كان يفترض لرئيس المجلس الرئاسي الجديد لقاء حفتر.
في مقابل ذلك دافع المنفي عبر سلسلة تغريدات عبر حسابه الشخصي على تويتر، عن نفسه وعن خطّته غير المعلنة بشكل رسمي لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا، وأكّد أنّ سياسة الإقصاء والتهميش لا تخدم الحوار السياسي إذا أردنا فعلا ليبيا جديدة، وعلى الجميع طي صفحة الماضي لبناء المستقبل.
وتعالت أصوات التخوين والاتهامات بحق المسؤول الجديد، الذي انتخبه أعضاء الحوار السياسي الـ 75 مطلع فيفري الجاري في جنيف، لمواصلة بناء الدولة الجديدة في غضون أشهر لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر المقبل دون الاكتراث لعواقب تعثر مسار المصالحة في هذه المرحلة الحسّاسة، لاسيما وأن السلطة التنفيذية الجديدة مؤقتة فقط وذات صلاحيات محدودة.
ومن دون شك أنّ عودة قطار المصالحة مع بداية عمل السلطة الجديدة ممثلة في رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد دبيبة، والمجلس الرئاسي لن تكون سهلة في خضم تحديات داخلية وأخرى دولية تسعى لإبقاء الوضع الراهن، خاصة وأنّ هناك أطراف تسعى إلى الاصطياد دائما في المياه العكرة، وتستغل أزمات البلدان العربية لتأجيج الوضع كلما أحسوا بانفراج في الأفق.
غير أنّ الليبيين واعون أشد الوعي ويميّزون بين الصديق والعدو، ومن وقف معهم في السراء والضراء، وأمامهم فرصة ثمينة لتحقيق الاستقرار، وهي خطوة تتطلّب إرادة شعبية للالتفاف حول القيادات الجديدة التي تحمل في نواياها شعار الإيمان بالوطن بداية لإنهاء كل الخلافات، وعلى الجميع منح فرصة بداية صفحة جديدة، دون إقصاء أو تهميش لكل مكوّنات الشعب الليبي لتحقيق ليبيا جديدة.