التقى شركاء اتفاق مالي للسلام للمرة الأولى في مدينة كيدال شمال البلاد، في دلالة رمزية للمضي قدما في تطبيق بنود اتفاق السلام الذي ترعاه الجزائر منذ 2015، وتشدّد على استمراريته في الوقت الراهن، تزامنا مع التغيير الحاصل ضمن مسار المرحلة الانتقالية التي تمر بها مالي منذ الاطاحة بنظام الرئيس ابراهيم ابوبكر كيتا السنة الماضية.
لم يسبق للجنة متابعة اتفاق الجزائر أن اجتمعت في مدينة كيدال الواقعة في شمال مالي، والتي لا تزال تعرف تحركات تستهدف استقرار البلاد، إلا أن شركاء اتفاق السلام أرادوا بعث رسالة قوية عبر اختيار المكان، وذلك لما له من دلالة ورمزية قوية في أن السلام لا ينجح سوى عن طريق الحوار مع مختلف الأطراف سواء كانت معارضة أو مؤيدة، وهي مقاربة تلقى نجاحا كبيرا حسب كبار الدبلوماسيين، لما لها ايضا من خاصية في تقريب وجهات النظر.
المراد باختيار مدينة كيدال لعقد هذا الاجتماع لم يكن يعني الانحياز لطرف على حساب آخر من الأطراف المعنية باتفاق السلام بقدر ما هو تعبير عن نية حسنة، وإرادة في السعي لإحراز تقدم على المستوى السياسي، في وقت يبدو أن أفق الخروج من الأزمة في منطقة الساحل ما زال بعيد المنال وسط شكوك مستمرة التواجد الاجنبي ومستقبل الحضور العسكري الفرنسي في المنطقة، بعد تحول وجوده إلى مشكلة بدل «حل»، كما يزداد رفض شعبي للقوات الأجنبية بمختلف انتماءاتها بشكل كبير حسب تقارير إعلامية، ويتزامن كل ذلك مع تحولات جيوسياسية داخل بلدان الساحل الإفريقي.
وينظر إلى المسار السياسي بدءا من تطبيق اتفاق السلام إلى التغيير الحاصل في مالي بشكل ضعيف يتطلّب مرافقة وتحديثا لبنود الاتفاق، التي تنصّ على دمج متمردين سابقين في القوات الدفاعية، وتعزيز آليات الحكم بشكل متساو بين كل السكان دون تمييز عرقي أو مذهبي، بما يخدم مصالحة شاملة ومستدامة بمشاركة جميع الأطراف المالية، لكن ضمن التغيير الحاصل مع المرحلة الانتقالية لمدة 18 شهرا بإشراف سلطات انتقالية، تشهد مالي تحولات عميقة تقود لإرساء أسس دولة جديدة، غير أن تحقيق ذلك لا يعني أن طريق الحل مفروش بالورود.