أيام وتطل ذكرى تأميم المحروقات، في 24 فيفري 1971، العنوان البارز في مشهد الجزائر المستقلة، لإحياء الموعد الرمز الثابت في معادلة البناء، يعود في كل سنة لتجديد العهد مع بطولات ومآثر جيل أظهر بالدليل إخلاصا ووفاء للسيادة الوطنية بمضمونها الاقتصادي.
قبل نصف قرن انسحب التقنيون الأجانب يتقدمهم مهندسو الشركات الفرنسية في محاولة يائسة لكسر القرار السياسي الجريء، وتحمل أبناء الوطن على قلة الكفاءات ونقص التجربة في إدارة الأزمات وخطورة الموقف أمام حجم حقول تنبعث منها رائحة نفط ممزوج بدماء الشهداء، فأنجزوا ملحمة أنقذت البلاد من هيمنة شركات أجنبية كانت تمتص الثروة والعرق.
وقبل حوالي سنة أنجزت ملحمة مماثلة في الجوهر والمضمون تعكس نفس الصدق والوفاء بتجنيد عمال وإطارات قطاع المحروقات لتأمين ديمومة النشاط وحماية الأمن الاقتصادي والمالي في عز أزمة كوفيد 19. مصفاة الجزائر العاصمة بسيدي رزين التي تطل بشعلتها على متيجة مثال كشقيقاتها في سكيكدة وحاسي الرمل وأدرار، لرفع التحدي في صمت والتزام، لما انقطعت السبل بالعالم بفعل غلق الحدود وتقليص تعداد المستخدمين وفقا لإجراءات الحماية من العدوى.
الجائحة اضطرت أجانب متعاونين مغادرة المواقع ومنعت آخرين من القدوم لإصلاح عطب أو مرافقة في تسيير نظام معلوماتي، لكنها فجرت لدى الإنسان الجزائري قوة كامنة ارتقت به إلى مستوى المسؤولية بإدارة الظرف الطارئ بعيدا عن الأضواء، غايتهم أن تستمر الشعلة عالية ترمز لنبض الحياة، تحمل رسالة أمل تقود للخروج من نفق أزمة، مفتاحها العمل والثقة في الإطارات البشرية الجزائرية، هويتها الكفاءة والالتزام والصدق.