كم عدد المواضيع الاجتماعية، التي نتفق فيها على صيغة وشكل ومحتوى، وتشكل خصوصية جزائرية بحتة بعد قرون من تلاقح الحضارات والأجناس والأديان في هذا البلد؟
هو سؤال سوسيولوجي مسح الماضي ويمسح الحاضر باستفهامات يبحث من خلالها عن «إجابة»، خصوصا وأن الماضي مشكل في جزء كبير منه من الثقافة الشفوية، التي لم تسمح ببروز أشكال واضحة عن مواضيع كثيرة «متفق عليها»، وهي مرحلة لابد من عبورها طال الزمن أو قصر، بسبب تراكمات معرفية وتقاليد وأسئلة مرحلة تُجبر من يعيشونها على طرح إشكاليات والبحث عن صيغ مفتاحية تُقدم بها ما يتوصل إليه الباحثون عن «المتفق عليه» بصيغ لا علاقة لها بالطرح المصالحاتي، في السياسة!
بعد عناصر الهوية الأربع (تاريخ مشترك، إسلام، عروبة وأمازيغية)، تشكل فلسطين استثناء كبيرا في المواضيع المتفق عليها، شعبيا وسلطويا، وهي من المواضيع الخاصة التي لا يختلف فيها اثنان من الجزائريين، مثلما لا يختلفون حول تقليد التويزة، الذي يشكل في المخيال الجمعي أحد عناصر القوة في النسيج الاجتماعي، الذي يُعبّرُ عن نفسه في حالات الطوارئ بأشكال تُثير الغيرة لدى مجتمعات أخرى، من تويزة الفلاحين في الحصاد، إلى تويزة البناء، مرورا بتويزات خاصة متى وقعت كوارث كبرى، مثل الفيضانات والزلازل.. وفي زمن الحجر الصحي، الذي نسج فيه خطر كورونا صورة رائعة للتضامن الاجتماعي، وبطريقة انقشع فيها «الخوف من المستقبل» من عقول من كانوا في البؤر الأولى للفيروس المخيف..
نحن بحاجة إلى متفق عليه في التربية والتعليم، بعد تجارب كثيرة خاضتها المدرسة الجزائرية، نجحت في بعضها وفشلت في أخرى، ونكون بحاجة إلى متفق عليه في قطاعات أخرى، بعد تجارب كثيرة من يسار الإشتراكية إلى يمين الليبيرالية، تشكل في نهاية المطاف صورة جزائرية غنية عن كل تعريف، طالما أنها لصيقة بـ»متفق عليه»، بكل ما تعنيه هذه العبارة..