تزحف العولمة بكل ما تُثيره من فتن ونزاعات وراءها قوى نيوكولنيالية حاقدة على الشعوب، وتبقى مآثر التاريخ المشترك، تنهل منها العبر وتشحذ همم الأجيال لمواصلة الدرب الذي سطره الآباء والأجداد عنوانه السيادة والكرامة.
تعود ذكرى العدوان الذي شنّه طيران الاستعمار الفرنسي إبان احتلال الجزائر على قرية سيدي يوسف في تونس الشقيقة انتقاما من تلك اللُّحمة التضامنية الراسخة بين البلدين والشعبين بتلك الروح الصافية التي تعكس قواسم مشتركة أكبر وأقوى من تغيّرات الزمن وتعاقب المراحل عنصرها الثابت مصلحة مشتركة بقيم إنسانية هي رصيد تراكمات يصعب على الآخر إدراك معانيها.
اليوم لا تزال نفس العقيدة والقناعة راسخة بين البلدين الجارين في مواجهة التحديات المحلية والإقليمية، التي لا مجال فيها لتسلل غريب أو تلاعب مغامر ومن الساقية تبعث نفس الرسالة للأجيال بأن الجزائر وتونس على نفس القلب الأخوي وحسن الجوار والتضامن تحت مظلة الاستقرار والتنمية يكون فيها للإنسان دور ريادي من خلال المبادرة والنشاط ضمن أصول الشراكة ومعاييرها الناجعة.
التراكم، من تجارب ومكاسب، الذي حقّقه هذا النموذج في العلاقات الثنائية، متحدّيا مختلف الظروف وما رافقها من محاولات أجنبية لإثارة كل ما من شأنه المساس بمناخ الثقة الذي تتوارثه الأجيال، يعكس عنوانا بارزا في المشهد الإقليمي المغاربي الذي يحتاج إلى كثير من التمعن في الرصيد المسجل بكل أبعاده الإستراتيجية لتعزيز المناعة المشتركة في مواجهة محيط إقليمي يعاني من نفوذ قوى دولية يزعجها الاستقرار والتنمية.
ما كتبه الشعبان بالدم بالأمس في مواجهة الاستعمار وتعزّز بحسن الجوار لتكريس الأمن والاستقرار على أساس تعاون أكبر بكثير من مجرد صفقات يحمل رسالة لها دلالات بشأن التضامن والتعاون المفتوح على شراكة تتجاوز الظروف وكل إفرازات العولمة، بما يسمح للشعبين من التكفل بمتطلبات التنمية مع حماية مكاسب تحققت تلقي بظلالها اليوم على المشهد القائم على جسر يحمل كل التطلعات المشتركة في مواصلة مسار سطرته تضحيات ساقية سيدي يوسف التي فضحت يدروها سلسلة جرائم الاستعمار الفرنسي وتبقى من الشواهد التي تطارد ذاكرة بقايا الفكر الاستعماري.