تمر تونس الشّقيقة بمرحلة سياسية صعبة، رغم أنّ ضوء الحل يلوح في الأفق، ويؤكّد أن التونسيين الذين صنعوا الاستثناء في بلدان «الربيع العربي» بتحقيق تجربة ديمقراطية خاصة بعد ثورة الياسمين تختلف عن التقليد في العالم الغربي، يمكنهم تجاوز الأزمة السياسية التي تعصف بمؤسسات الدولة.
لكن الغريب في فصول المشهد السياسي الذي يعرف هزّات ارتدادية منذ استقالة حكومة إلياس الفخاخ، وتكليف الرئيس قيس سعيد، هشام المشيشي بتشكيل حكومة تكنوقراط إثر الصراع الحاصل بين الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان، صعود أصوات تحن لفترة النظام السابق وتنتقد النظام الحالي، عقب تصاعد الاحتجاجات الشعبية منذ أيام في بعض الأحياء التونسية، وهي احتجاجات أغلبها شبابية تطالب بتحسين الظروف المعيشية، إثر تراجع القدرة الشرائية تزامنا مع الأزمة الاقتصادية للبلاد مع جائحة كورونا.
وبدل البحث عن حلول واقعية لمشاكل المواطن التونسي في هذا الوقت، تستغل أحزاب سياسية ذات تمثيل ضعيف في البرلمان الأزمة لإشعال نار الفتنة وصب الزيت على النار، لإثارة الشارع بشعارات شعبوية، كانت تستخدم تملقا لنظام سابق ضد المعارضين المطالبين بالديمقراطية، لكنها اليوم تستغل الاحتقان الشبابي الرافض لتسييس مطالبه ضد الشرعية الشعبية.
إلاّ أنّ الشعب التونسي الشقيق عامة والشباب خاصة واع بالتحديات والمخاطر المحدقة بمشروعه الوطني المستمر في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، كما يعرف النوايا الخبيثة التي تستغل الأزمة السياسية والاقتصادية في نفس الوقت للاستثمار المصالحي على حساب مصالح الشعب نحو استقرار البلاد، وما يؤكد ذلك تفادي رفع المحتجون خلال المظاهرات في عدة مدن شعارات سياسية ضد مؤسسات الدولة رغم ارتكاب قوات الأمن تجاوزات خطيرة ضد المتظاهرين وحملة اعتقالات واسعة.
صحيح أنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعب، من خلال تسجيل مؤشرات سلبية في عدة قطاعات، وتزايد نسبة البطالة بشكل مخيف، وضغط الأزمة الصحية، لكن حماية البيت التونسي (الوطن) أولى الأولويات، في ظل هذا التجاذب السياسي المسبوق منذ عقد على الثورة الشعبية، لاسيما مع تصاعد أطراف تريد عودة تونس إلى مربع الماضي وتعلن حنينها إلى كل ما سبق.