الفكر المقاولاتي لا يمكن أن يأتي هكذا بقرار إداري أو سياسي ولكن بعد مسار طويل من التنشئة الاقتصادية والاجتماعية لأجيال متعاقبة.
النظرة الجديدة لدعم التشغيل في الجزائر من خلال التركيز على غرس روح المقاولاتية لدى الشباب في استحداث مؤسساتهم الصغيرة، شباب يكون لديه ما يكفي من الوعي، المسؤولية والقدرة على الفرز بين حزمة من الخيارات المتاحة في إنجاز مشروع.
الإدراك الخاطئ للمؤسسة الصغيرة في الجزائر ودورها الاقتصادي قبل الاجتماعي هو أوّل خطوة في التأسيس للفكر المقاولاتي لدى الشباب، لأنّ المؤسسة الصغيرة في كل العالم ليست مجرّد علاج ظرفي لمشكلة شباب بطال، كما يعتقد الكثيرون، و لكنّها بذرة مشروع كامل مجسّد في فكر أي شاب مقاول، يؤمن بأن المؤسسة الصغيرة هي فرصة تكبر مع الوقت وليست حلا ظرفيا لوضع اجتماع.
كبرى الشركات العالمية العملاقة، التي يقدّر رأسمالها بملايير الدولارات، لم تولد عملاقة فهي الأخرى كانت مجرّد مؤسسة صغيرة أو ناشئة «ستارت - آب» كبرت مع الوقت لأنّ أصحابها ولدوا في محيط مقاولاتي يوفّر الفرص ويشجّع على اغتنامها وعرفوا كيف يصطادون الفرصة ويستغلونها، بينما الوضع في الجزائر مختلف تماما، لأن الكثير من الشباب ينظرون إلى آليات دعم التشغيل على فرصة من نوع آخر تمكّنهم من الحصول على أموال الدولة لتسوية وضع اجتماعي ظرفي، فالبعض منهم يبيع العتاد الذي تحصّل عليه في إطار آليات دعم التشغيل من أجل الزواج مثلا، شراء سيارة أو سكن ثم يبدأ رحلة البحث على وظيفة مقابل مرّتب شهري ؟.
المقاولاتية هي روح يؤمن صاحبها بالمجازفة والمخاطرة والمقاول الذي لا يمتلك روح التوسّع والانتشار لا يمكنه أن يحدث الفارق أو أن يبني حلما يكبر مع الوقت وإلى ذلك يضاف عوامل أخرى قد تشكّل حافزا لصاحب المشروع ليكون أكثر جدّية والتزاما بتسديد القروض التي عليه، وحينها سيعمل هذا الشاب كل ما في وسعه لإنجاح مشروعه.