بدأت معالم حل الأزمة السياسية في ليبيا تلوح في الأفق وبدأ معها فعليا تحقيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين طرفي النزاع في 23 أكتوبر الماضي في سويسرا، لأن الامتحان الحقيقي لنوايا الطرفين انطلق بعد انتهاء مهلة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة منذ أسبوعين لكن الهدنة استمرت تزامنا مع الحوار السياسي في جنيف للتصويت على حكومة وحدة وطنية تخرج ليبيا من عنق زجاجة المصالح الشخصية الضيقة.
أمام هذا التقدم الحاصل صادق مجلس الأمن الدولي على مقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، لنشر مراقبين دوليين لضمان ومراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، وأفادت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة بأن مجلس الأمن طلب من غوتيريس تشكيل ونشر المراقبين على وجه السرعة. وهي خطوة أساسية وضرورية لقطع كل السبل أمام دعاة الفتنة وأعداء الشعب الليبي، كونها تحمي اتفاق وقف إطلاق النار بشكل ملزم من الانهيار.
وتتشكّل آلية الإشراف على وقف إطلاق النار الواردة في تقرير الأمين العام الأممي الموجهة للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» من مراقبين مدنيّين، من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، تؤكّد استبعاد التواجد العسكري الأجنبي بكل صفاته، بشكل قاطع احتراما للسيادة والوحدة الترابية، كما يوحي القرار لبداية تحقيق المدنية في المرحلة الانتقالية عن طريق تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الجاري.
كما أنّ اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة المنعقد في مدينة سرت ركز على مناقشة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت بحضور خبراء إزالة الألغام تابعين لطرفي اللجنة والأمم المتحدة، بالإضافة إلى استكمال المتطلبات الخاصة بفريق المراقبين الأمميين لوقف إطلاق النار، تبرز النوايا الحسنة لإنهاء سيناريو الحرب، وبداية عهد جديد رغم استمرار التحديات على جميع الأصعدة.
إلا أن أطراف النزاع سجّلوا قرارات مشرفة في الحوار السياسي بجنيف، لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة، بتحقيق توافقات وتنازلات كبيرة حول المناصب السيادية بالانسحاب من الترشح لصالح وحدة الصف، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك نوايا صادقة للفرقاء لإخراج ليبيا من مأزق الأزمة السياسية، وبداية مصالحة شاملة بين الليبيين.